احمد عبد الرحمن
انطلق يوم الثلاثاء الماضي العام الدراسي الجديد، حيث انه وبحسب وزارة التربية توجه اكثر من ثمانية ملايين طالب وطالبة في مختلف المراحل الى المدارس.وهذا الرقم بلا شك رقم كبير يحمل بين طياته دلالات ومؤشرات مهمة وفي ذات الوقت الذي يضع على عاتق الجهات الحكومية المختصة مسؤوليات وأعباء كبيرة من اجل النهوض بالواقع التعليمي والتربوي في البلاد، وتلافي الاخطاء والسلبيات والنواقص التي رافقت مجمل العملية التربوية في العام الماضي والاعوام التي سبقته.توجه اكثر من ثمانية ملايين طالبة وطالبة من مجموع سكان البلاد البالغ اكثر من ثلاثين مليون شخص، يعني ان ربع سكان البلاد ومن فئات عمرية محددة، يسعون الى اكتساب العلم والمعرفة والتحصيل الاكاديمي، هذا ماعدا طلبة الجامعات والمعاهد وهم بالطبع يبلغون عشرات-إن لم يكن مئات الآلاف- وهذا بالطبع علامة عافية وبشارة خير ومؤشر على وجود نهضة علمية وتعليمية من المؤمل ان تؤتي اكلها وثمارها في القادم من الاعوام والعقود.بيد انه في مقابل ذلك يرتب هذا العدد الكبير استحقاقات ومسؤوليات وأعباء كبيرة على الجهات الحكومية المعنية مثلما اشرنا انفا. فتطور الواقع التعليمي والتربوي في البلاد وتحقيق نهضة علمية حقيقية، ومواكبة المتغيرات والتحولات الكبرى في عالم اليوم على الاصعدة العلمية والاكاديمية في شتى الجوانب والمجالات لا يتحقق بالأعداد الهائلة لطلبة المدارس فحسب، بل لابد من توفر عوامل اخرى من شأنها ان تعزز الجانب النوعي وتجعل الجانب الكمي الرقمي ذي قيمة يعتد بها، لنصنع بذلك اجيالا منتجة ومبدعة وكفوءة وواعية تمتلك القدرة على احداث التغيير والاصلاح والنهوض المطلوب.فتهيئة الظروف والاجواء والمناخات العلمية امر مهم للغاية، بل انه في غاية الاهمية، من قبيل البنايات المدرسية التي تتوفر فيها القاعات والمستلزمات ووسائل الراحة الضرورية التي تجعل الطالب اكثر انجذابا نحو الدراسة لا العكس، وكذلك اصلاح وتعديل المناهج الدراسية بما ينسجم مع متطلبات الواقع العام في البلاد، وبما يتوافق مع المعايير العلمية والاكاديمية العالمية، وايجاد السبل والوسائل العملية التي تكفل الحد من- او تمنع-تسرب التلاميذ والطلبة من المدارس، وكذلك تلك التي ترفع مستوى الاداء والكفاءة للكوادر التدريسية، والاهتمام بطرق ووسائل التدريس الحديثة لا على الصعيد العلمي فقط وانما على الصعيد النفسي والمعنوي والسلوكي.ولابد من الالتفات الى حقيقة انه الى جانب العدد الكبير الذي يبعث على الفرح والتفاؤل للطلبة الذين توجهوا الى المدارس هذا العام، هناك اعداد غير قليلة لطلبة لم يلتحقوا لأسباب مختلفة، واخرين تركوا مدارسهم.قد تبدو مهمة النهوض الحقيقي بالواقع التعليمي والتربوي للبلاد صعبة وعسيرة وثقيلة، وهذا ما يحتم تظافر جهود مختلف الجهات الحكومية وحتى غير الحكومية.. لأنه من دون بناء الجيل الجديد بناء رصينا وقويا ومحكما، لن نستطيع بناء المجتمع الواعي والقادر على العطاء وتحقيق المنجزات.
https://telegram.me/buratha