بقلم _ داود نادر نوشي
لو افترضنا جدلا أن التحالف الوطني وافق على تمرير مشروع مجلس السياسات الستراتيجة في مجلس النواب على الرغم مما به من مخالفات دستورية ، وتناقض في الصلاحيات وتشابك في اتخاذ القرار، وان الدكتور علاوي نصب نفسه رئيسا لهذا المجلس ومعه المستشارين المائة ، وفوق كل هذا تصفيق حار من البرلمان على ولادة مجلس قيادة ثورة جديد .
ولو افترضنا جدلا أيضا أن السيد المالكي قدم للبرلمان الأسماء المرفوعة من قبل القائمة العراقية لمنصب وزارة الدفاع وبدون تحفظ على ماضي المرشحين مع البعث والنظام البائد ، ومن ثم يمنح البرلمان احدهم الثقة وتكون وزارة الدفاع حصتكم قلبا وقالبا حتى وان كان لكم فيها مأرب أخرى، وبعدها يتم تنفيذ كل مطالب العراقية في السلطة والمشاركة ولو أن الكل يقول لقادة العراقية سمعا وطاعة ، هل نصل برأيكم إلى ضوء في نهاية النفق ، وهل تنتهي الأزمة السياسية والجدال المستمر بين الفر قاء ، وهل ينعم العراق بربيع سياسي هادئ ومستقر وهل يتكاتف المشاركون في الحكومة والبرلمان من اجل السير بسفينة العراق إلى بر الأمان ؟ والجواب على هذا التساؤل والافتراضات لا تحتاج منا الكثير في فك طلاسم مشروع القائمة العراقية والأفكار والرؤى التي من اجلها تشكلت ، ولنا فيها تجارب استمرت لأكثر من ثمان سنوات ، هي عمر العملية السياسية والتجربة الديمقراطية في العراق .والأجندات التي يحملها قادة العراقية والمشروع الذي يناضلون من اجله هو بالحقيقة بعيدا كل البعد عن أصل المشاركة والتوافق ، بل أن عدم الإيمان بالعراق الجديد والعملية السياسية الجارية هي من أولويات عملهم للسنوات القادمة ، وهذا الإحساس والتفكير ليس وليد الصدفة ولا هو مشروع مؤجل ، وإنما مبني على أسس تندرج وفق سيناريو مرسوم وبدقة كبيرة تقوده مجموعة من الأجندات العربية ، أولها سياسية لا تؤمن بالتعددية وتداول السلطة وهي تحاول أن تمنع رياح التغيير من الوصول إلى عروشها الخاوية لا سيما أن هذه الرياح تمددت إلى دول عربية كانت بالأمس القريب تحكمها دكتاتوريات وأنظمة الحكم الشمولي ، والثاني أجندات طائفية لا يمكن لها تتحمل مشاركة مكون وطائفة معينة في قيادة هذا البلد بعد أن عملت وبكل قوة مساندة طاغوت العراق المقبور من اجل هذا الهدف المقيت .وأما الأهداف المعلنة التي ينادي بها قادة القائمة العراقية والمشروع الذي روجوه للناخب العراقي فلم نلاحظ له أي تطبيق في الواقع على الرغم من مرور الكثير من الوقت وهم يمارسون السلطة من خلال الحكومة والبرلمان ، والمشروع الذي اعنيه هنا هو المشروع الوطني الذي الذي هز أسماعنا طوال هذه الفترة ، ونحن لا نعرف ما المانع من تحقيق هذا المشروع إذا كانوا صادقين في شعاراتهم ، وبيدهم الكثير من الوزارات المهمة في الدولة وكتلة كبيرة في البرلمان على الرغم من تشظي القائمة والانسحابات الكثيرة التي حدثت فيها وهو شي متوقع لان الأساس الذي بنيت عليه القائمة هو مجموعة تناقضات وتشابك مصالح لا يمكن له الاستمرار على الرغم من عناوين الوطنية التي تغلف الإطار العام فقط وجوهرها الحقيقي بعيدا كل البعد عن تلك المسميات الرنانة التي لا تتفق لا من قريب ولا من بعيد عن أصل وفحوى الوطنية .ثم إن المشروع الوطني الذي ينادون به هو بالأساس موجود من خلال العملية السياسية الجارية التي ضمنت للجميع وبدون استثناء المشاركة فيها والفيصل هنا صندوق الاقتراع والضامن الأساسي في كل هذا هو الدستور الذي لا ضامن بعده .والحق الذي يطلبه الكيان السياسي من اجل المشاركة في السلطة والحكم لابد له أن يطلبه من الشعب فهو الذي بيده التنصيب الاختيار ، والمفلسين فقط هم من يطلبون السلطة من الرئيس الذي لا سلطة له ، وبالتالي يعلقون فشلهم على شماعة المحاصصة والتوافق ويتغنون بالمشاركة وتوزيع الحصص ، فأي مبدأ يمكن أن تقوم عليه هكذا مشاركة والمشارك يوزع قدميه بين الحكومة والمعارضة ، وأي شراكة يمكن لها الاستمرار وأنت تنظر إلى شريكك على انه عدوا لك تتربص فيه الفرص .وشراكة قادة العراقية في الحكومة ليس الهدف منها البناء والتقويم وإنما الحصول على مكاسب لتحقيق هدف اكبر ، وهم وللأسف الشديد يؤمنون ويعملون من اجل العودة إلى المربع الأول الذي يظنون واهمين انه المخرج الوحيد للاستئثار بالسلطة وتحقيق الحلم البعيد المنال الذي يراود الكثير منهم ، ولو أردنا أن نحكم على حكومة الشراكة الوطنية بالفشل ، فأن السبب الأول والأخير تتحمله قيادات العراقية لكي ننصف الشركاء الآخرين وندعهم .
https://telegram.me/buratha