الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
عندما شُكّلت الحكومة تحت شعار الوحدة الوطنية، بدا وكأن العراق يدخل مرحلة ضرورية من النقاهة السياسية، بحيث تتلاشى الخلافات وتختفي التناقضات ويتحول الوزراء الى فريق عمل متفاهم، هدفه وضع السلطة التنفيذية على سكة العمل المثابر، في ورشة ناشطة تتناسب على الاقل مع أسمها الذي أختير لها، والذي كرره كثير من الساسة قبل وبعد تشكيلها، ولطالما غنوا أغنية تقول كلماتها: انهم يريدون حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على العمل، والاهتمام بشؤون الناس ومطالبهم المحقة.لكن نظرة متأنية مدققة في الراهن من الوقائع، تُظهر اننا نراوح على عتبة "اللعبة السياسية" وان العلل والاشتراطات التي تضرب عافية الدولة مستمرة، وأن ثمة مطابخ تسهر ليل نهار على فبركة الملفات واثارة المواضيع التي من شأنها اعاقة التوجه نحو المستقبل وتعطيل معالجة الوضع الاقتصادي والخدمي. وذلك بـ"تفقيس" الخلافت، واثارة المطالب بطريقة لا تريد التفاهم عليها بقدر ما تسعى الى استيلاد الازمات، ما يوحي فعلا ان هناك رغبة في انهاك الدولة بكل عناصرها.وواضح تماما ان الهدف هو أن تكون الحكومة حكومة مكانك راوح، بمعنى منعها من تنفيذ واجباتها الأساسية، وبمعنى وضع الفيتو على أي مسار يمكن أن نسير فيه، حتى لو كان مفيدا لواضع الفيتو نفسه، وبذا نتحول الى لعبة المخالفة من أجل المخالفة، وهذا في النتيجة استمرار لسياسة التعطيل، لاسباب كثيرة، منها ما يرتبط برغبة دفينة لدى البعض في افشال تكوين دولة على أسس عادلة، ومنها ما يرتبط برغبة معلنة في التسيد وفقا للأسلوب الذي غادرته كل الدنيا إلا دنيا العروبجية كما يفعل بقايا الزمن الغابر، ومنها ما يرتبط بالحرص على ابقاء العراق ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية كما يفعل ذلك أدوات آل سعود المشاركين بالعملية السياسية، وفي احسن الاحوال صندوق بريد لتوجيه الرسائل المتعلقة بالتقاطعات الاقليمية والدولية، وهذا هو هدف أطراف سياسية تدعي تبني المشروع الوطني، بفعل الغرض منه العض على اصابع الدولة حتى الإدماء... غير أن الأكثر إيذاءا أن ثمة من أدمن على القاء قشور الموز تحت ارجل الحكومة، وثمة ما يساعد على القول ان هناك "شركاء مضاربين" داخل هذه الحكومة، يتصرفون بما يسقط اي معنى لمفهوم الوحدة الوطنية، وهذا ما درج عليه القادة الكورد، وآخر ما فعلوه إيقاف تصدير النفط من مناطق إستخراجه في الأقليم الكوردي.. إن سيناريو دولة جنوب السودان يعاد تنفيذه هنا، وسينفذ لا محالة... ولذا فإن الذي نقوله إذا كان ولابد من تنفيذه فلينفذ بلا دماء....كلام قبل السلام: قال بسمارك: العوامل العاطفية توشك إن تكون معدومة الأثر في حلبة السياسة كما هي في ميدان التجارة ....!سلام.....
https://telegram.me/buratha