المقالات

الاستقلال الوطني وعراق ما بعد الانسحاب الأمريكي

540 22:53:00 2011-09-28

صفي الدين الحلفي

يعود العراق وبعد أكثر من خمسة عقود منذ ان رحل اخر جندي بريطاني عن العراق عقب ثورة تموز عام 1958 وخروج العراق من حلف بغداد الذي اقيم برعاية غربية لجعل العراق محورا أساسيا في قلب السياسة الغربية في المنطقة الى نفس المربع الأول ,حيث تخضع البلاد لهيمنة أجنبية جاءت نتيجة لسياسات النظام المباد العبثية وحروبه المدمرة والتي أفسحت المجال أمام تعرض البلاد لخطر الاحتلال الأجنبي المباشر ,حيث تتواجد في البلاد عشرات الاف من الجنود وكميات ضخمة من الأسلحة والمعدات الثقيلة ,إضافة إلى تداعيات هذا التواجد الأمنية والسياسية على امن البلاد واستقرارها ورغم النجاح في إبرام معاهدة أمنية تنهي هذا الوجود الأجنبي المسلح في العراق إلا ان المحافظة على تطبيق بنود هذه المعاهدة وضمان خروج القوات الاجنبية في البلاد ما تزال بحاجة إلى وجود طبقة سياسية منسجمة ومتعاونة ومتفهمة لحاجة البلاد الأمنية وتقديرها الدقيق لمرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي وتبنيها لاستراتيجية وطنية تقوم على أسس الشراكة الحقيقية الفاعلة التي تنجح في إيجاد مظلة إقليمية فاعلة من خلال صياغة علاقات دبلوماسية مستقرة وناجحة مع دول المنطقة . بالتأكيد بان العراق سيكون وضعه مختلفا بعد إتمام الانسحاب الأمريكي عن وضعه الحالي وسيكون هناك تنافس إقليمي على حجز المواقع في داخل العراق ,حيث سيشكل الضعف والانقسام السياسي فرصة لا تعوض لدول المنطقة لتمد نفوذها إلى داخل العراق عبر واجهات سياسية واقتصادية عديدة تجعل العراق يدور في فلكها وكما حصل في عراق منتصف الستينيات من القرن الماضي عندما أصبح وبعد سقوط نظام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ساحة مفتوحة أمام النفوذ المصري بزعامة جمال عبد الناصر والذي كان طرفا في صفقة إسقاط نظام الزعيم قاسم الذي كان يمثل توجها وطنيا ورغبة صادقة بالابتعاد عن التحالفات الإقليمية المشبوهة في المنطقة ,حيث حصل عبد الناصر بموجب هذه الصفقة على دور كبير في العراق جعله يختار امين هويدي رجل المخابرات سفيره وعينه في بغداد ,حيث وصل التدخل المصري ذروته الى حد ان القاهرة تعين للعراق رئيسا لجمهوريته بعد ان عارضت تولي رجل القانون عبد الرحمن البزاز رئاسة الجمهورية بعد مصرع عبد السلام عارف واضاعت على البلاد فرصة تولي اول شخصية مدنية رئاسة الدولة , بل وقامت بالضغط عل كبار ضباط الجيش لتأييد تولي عبد الرحمن عارف المنصب والذي كان شخصا ضعيفا ولا يملك المؤهلات التي تسمح له بقيادة بلد صعب ومعقد وذواهمية خطيرة في المنطقة كالعراق ,بدليل انه فقد السلطة بانقلاب عسكري دبرته المخابرات البريطانية والامريكية عام 1968 , حيث لم يمكث في السلطة سوى عامين على اثر تحالف بين عبد الرزاق النايف والداوود والبعثيين الذين انفردوا بالسلطة بعد طرد النايف والداوود وانهاء الشراكة فيما بينهم . من الواضح ان العراق بعد اتمام الانسحاب نهاية عام 2011 سيشهد متغيرات سياسية عديدة وتغيير خارطة التحالفات الموجودة حاليا والتي ستكون انعكاسا لصراعات سياسية محلية وتدخلات اقليمية مجاورة ستحاول اقناع الطرف الامريكي الذي سيبقي دوره وتأثيره الكبير في العراق والمحافظة عليه بقوة من اجل منحها دورا في العراق بصفقات سياسية يتم عقدها مع واشنطن ستسمح لهذه الاطراف بتامين مصالحها في العراق مقابل ادوار تؤديها لواشنطن في المنطقة مما سنعكس سلبا على الواقع الأمني والسياسي . ان تجاوز هذا المطب سيبقى بحاجة إلى وجود سياسيين اكفاء وحازمين متعاونين فيما بينهم يتجاوزون مصالحهم الذاتية وينظرون الى مصالح البلاد العليا ووضعها بنظر الاعتبار ,إضافة الى وجود استراتيجية لديها لبلورة سياسية داخلية تقوم على التناغم والانسجام فيما يخص القضايا المصيرية للبلاد التي تغلق الأبواب بوجه أي تدخل خارجي ,لكن الوصول الى هذا الهدف ليس بالامر السهل والممكن في ظل وجود الطبقة السياسية الحالية التي تقدم المزيد من الإخفاقات والفشل للشارع العراقي المحبط منها أصلا ,حيث تبدو البلاد بحاجة الى ظهور طبقات سياسية جديدة واعية تؤمن بمصالح البلاد وتعمل مخلصة لها وغير متأثرة او مرتبطة بأية جهات إقليمية أو دولية خارجية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو علي
2011-10-01
اذا هذه الزعامات هي التي تستمر بقيادة العراق , فاكتب على البلد السلام . لذلك فالحل هو انتخابات جديدة , ليقوم الشعب بانتخاب قيادات تؤام المرحلة , مرحلة مابعد الاحتلال .بالسياسة , يقولون لكل مرحلة رجالها , فمن يصلح لمرحلة الاحتلال , لايصلح لمرحلة مابعد الاحتلال . لذلك ندعوا الشعب الى المطالبة بانتخابات جديدة , بقانون انتخاب جديد على اساس الترشيح الفردي وبتقسيم العراق الى مناطق انتخابية بعدد النواب المطلوب .وبدون حاسبات وبدون برامج ولا مفوظية انتخبات وانما باشراف القضاء في مركز انتخابي واحد .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك