عبد الغفار العتبي
حين تفتش في الخريطة السياسية العراقية طولاً وعرضاً لايفاجئنا أن تعلن أن القوى السياسية المختلفة مهما اختلفت في رؤاها حيال الأحداث والوقائع المختلفة على الأرض فأنها تتفق في الحديث عن المصلحة الوطنية سبباً في أذكاء الخلافات بينها .. بينما يقول واقع الحال أن المصالح الشخصية هي التي تحرك الأحداث لامصلحة الوطن أو المواطن فالخلافات التي يبدوا بعضها محموداً وصحياً بمنظور الديمقراطية وثقافة التعددية التي جاء بها التغيير ومنبوذة حين تصبح هدفا فيكون الاختلاف حينها هوية لمن لاهوية وطنية له أو لاؤلئك الذين تتشابه هوياتهم ولايمكن التمييز بينها إلا في مدى تطرقهم وإنفتاحهم حيال قضايا الراهن المعقد .فرقاء اللعبة السياسية الذين وحدت هوياتهم والاختلافات نسوا وتناسوا أن المعيار الأصيل الذي تتمحور حوله مسالك الاقتراب من قلوب الناس هو البحث عن أوليات احتياجاتهم والسعي لتحقيقها وتذليل مايعترض طريقها من مشكلات وعقبات فضلا عن الصدق في الخطاب والابتعاد عن لغة الفرقة وفلسفة أنا مختلف إذن أنا موجود ! فالتشابه الكبير بين ماترفعه القوى السياسية من شعارات ووضوح الاختلاف بين أيديولوجياتها الثلاث أو الأربع التي تحكم المشهد السياسي برمته لايجعل من الاكتشاف متعة ممكنه للمواطن العراقي بل ويحكم على مستقبل العلاقة بين الشارع والساسة بالفشل المحتوم في ظل غياب التغيير في الواقع اليومي للأبد .فالموطن في البصره وميسان والنجف وكربلاء المقدسه والسماوه وغيرها من محافظات البلاد لايهمه كثيراً أن تحسم المشكلات لصالح الحزب الفلاني على حساب الآخرين ولا أن يقود البلاد رجل من القائمه سين أو أمرأه من صاد قدر مايهتم بتحقيق الحدود المقبولة من فرص الحياة الحرة الكريمة التي يعيش . الشعب العراقي الذي يراقب بملل مفزع الحراك السياسي منذ شهور طويلة صار موقناً تماماً أن الحراك يظل حراكاً لايمكنه أن يتقدم بالمجتمع إلى الأمام وهو دوران أعمى حول نقطة الصفر طوال الوقت ! وهو الدوران الذي يظل فيه المواطن وهمومه خارج أفلاك اللعبة واحتمالات الكسب لأنه يظل نهاية المطاف أعادة لاانتاج مشاكل المراحل السابقة بصورة جديدة ..متى يستيقظ اللاعبون الكبار من غفلتهم ليؤمنوا بان الفائز الأوحد في ألعابهم المملة هم الأعداء وهم الخاسرون في نهاية المطاف وان الشعب صاحب القرار المؤجل الذي قد يفاجئهم بما لايحمد عقباه في أية لحظة...
https://telegram.me/buratha