سعد البصري
ليس غريبا إذا ما قلنا إن الدولة الناجحة تعتمد على مؤسسات ناجحة ، والعكس هو الصحيح . إذ إن نجاح أي دولة لابد له من مرتكزات تستند عليها ، وهذه المرتكزات لابد أن تكون مصممة ومهيأة بشكل يمكن معه تجاوز المخاطر والأزمات ، وبالتالي تقديم الإمكانات اللازمة لنجاح الدولة . كما إن ما يجري الان في العراق ليس هو الصورة الصحيحة للدولة الناجحة والتي يمكنها من خلق مؤسسات قوية ورصينة تمكن من تهيئة الأرض الصلبة لنجاح العمل الحكومي في العراق ، حيث إن مؤسسات الدولة العراقية الان تعيش حالة من الانغلاق والتدني في تقديم الواجبات المناطة بها بحيث لم تبقى أي مؤسسة في العراق لم تصب بفيروس الفساد المالي والإداري ، بالإضافة إلى عدم تمكن الحكومة من خلق إبداعات تؤدي إلى تقوية الاقتصاد العراقي بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة الحالية . فقد رأت المجموعة الدولية للأزمات أن الدولة العراقية التي قامت بعد الاجتياح الأمريكي عام 2003، تستند إلى مؤسسات ضعيفة تشجع الفساد ، ما يمكن أن يهدد عودة الاستقرار إلى البلاد . وجاء في تقرير المؤسسة أن شلل الدولة ساهم في انتشار عناصر إجرامية ومصالح خاصة في الإدارة، مشيرا إلى أن المؤسسات التي أقيمت بموجب دستور العام 2005 للإشراف على عمل الحكومة (ديوان الرقابة المالية، هيئة النزاهة، مكتب المفتش العام، البرلمان العراقي والمحاكم المختصة ) كل تلك المؤسسات كانت عاجزة عن إثبات نفسها في مواجهة تدخلات الحكومة وتصلبها ومناوراتها ، وأما الإطار التشريعي فهو الأخر يعانى عجزا وتهديدات دائمة بوقوع أعمال عنف . لذا لابد على الحكومة العراقية إذا ما أرادت أن تنجح وتتخطى المشاكل الكبيرة التي أوقعت نفسها بها او أوقعتها مؤسسات الدولة بها أن تعمل على تعزيز تشريعات مكافحة الفساد وإرغام الأحزاب السياسية على الالتزام بمزيد من الشفافية واحترام القوانين .. كما لابد عليها أن تدعو مجلس النواب العراقي إلى إجراء إصلاحات تشريعية لتيسير عمل المؤسسات وحماية استقلالها . وهذا لن يتم طبعا إلا بعد مكافحة الفساد والمفسدين ، لان الاستقرار لا يمكن أن يتم ، والمؤسسات لا يمكن أن تعمل بالشكل الصحيح إلا بمكافحة تلك الفيروسات الخطرة .
https://telegram.me/buratha