المقالات

عالجوا أولا وباء النخبة

827 15:38:00 2011-09-29

حافظ آل بشارة

كثيرون حاولوا اكتشاف الاسباب الحقيقية للازمة السياسية الراهنة في العراق . وصلوا الى طريق مسدود ، لم يفسروا النحس الذي يرافق كل خطوة في طريق الحل ، لم ينتبهوا الى ذلك المرض الخطير الذي اصاب بعض رموز النخبة ، مرض الازدواجية في الاقوال والافعال والنوايا ، ثنائية مؤلمة تتنازع الساسة بين الانتماء الوطني والانتماء الفئوي عرقيا كان او طائفيا ، وايهما يمكن التضحية به لاجل الآخر اذا تطلب الموقف ، منهم من يريد الجمع بين النقيضين فيعطي الاولوية لانتماءه الفئوي والوطني في آن واحد ، الازدواجية تستفحل لدى البعض حتى تصل الى مستوى النفاق ، وهناك ثلاث مراتب في اعتناق الازدواجية كرذيلة : جماعة النفس الأمارة بالازدواجية التي تلقى من اصحابها انصياعا كاملا ، وجماعة النفس اللوامة التي تؤنب اصحابها فهم بين التوبة والتسويف ، وجماعة النفس المطمئنة المذعنة لوحدانية العراق ، لا توجد جهة تتولى تقييم عقائد وسلوك ونوايا الافراد الفاعلين في مسيرة البلد ومدى براءتهم أو استبراءهم من الازدواجية ، فشل الاداء السياسي والقصور في ادارة الخلافات العادية جعل بعض المخلصين يظهرون بمظهر الطائفيين فتتهاوى سمعتهم ، والبراعة في التمثيل والتزييف جعلت بعض المنافقين يظهرون كمخلصين! فهم ينادون كذبا بمصلحة العراق الواحد الموحد ويعلنون الذوبان في حبه ، ولكن الطبع غلب التطبع ، فعندما يتعرض بعضهم الى اقل هزة تجد اول ما يفكرون به التضحية بوحدة العراق ، وهم ليسوا كالمقاتل الشجاع التائه في الصحراء اذ يهدده التعب والعطش ويبدأ بالتخلي عن اثقاله ومعداته فيرمي منها الاقل اهمية وقد يتجرد من نصف ملابسه ولكن آخر ما يبقى معه سلاحه ، انهم يتخلون عن وحدة العراق في اول خطوة من طريق المتاعب وكأنها الجزء الاقل اهمية في المعركة ! هذا المرض لم يظهر في العراق في اصعب لحظاته التأريخية ، حتى عندما تحول الى ساحة قتال متناوب بين العثمانيين والصفويين في القرن السادس عشر وما رافقه من تمزق وخراب . ازدواجية الولاء وتفضيل الفئة على الوطن ازدهرت في ظل نظام صدام الذي نجح نسبيا في الظهور بمظهر الممثل لطائفة ضد اخرى ليذكي العداء بين الطوائف لكنه لم ينجح ، بل نجح في تأسيس العداء بين بعض النخب السياسية فقط ، فهم معارضوه وتلاميذه في الوقت نفسه ، علمهم كيف يتاجرون بمظلومية المكونات ! وكيف يؤسسون لفقدان الثقة المتبادل ، و كيف يلجأ البعض الى الاجانب لحماية المكون من خطر الوطن الأم ! ومن الطبيعي ان تنتقل الظاهرة الى مستوى آخر وهو الشعور احيانا بأن الانفصال هو الحل ! هذا المركب الثقافي السياسي الخطير يهدد وحدة العراق ولا يمكن انقاذه الا بيقضة الشعب وقراره الواعي باستبعاد من يحملون فايروس هذا المرض في اي انتخابات مقبلة ، علما بأن العراق بلد صغير لا يزيده التقسيم الا تقزيما وهزالا وفقرا وهامشية في مسيرة العالم الذي تحركه الكيانات العملاقة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو علي
2011-09-30
هذا الكلام للكاتب يجعل منهم رعاع وهمج وليس نخبة . النخبة تتقدم على المجتمع بتطلعاته ووعيه . اما هؤلاء , فاعوذ بالله.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك