علي المالكي
أحداث كثيرة مرت في العراق وذهبت دون التعرف على أسباب حدوثها وكيفية وقوعها ... على الرغم من أنها تحمل بين طياتها الكثير من الأسرار وعلامات الاستفهام التي تثير الشك في أصل هذه الأحداث ومن يقف ورائها أو من ساعد على تنفيذها .ولعل تفجيرات كربلاء الأخيرة واحدة من أهم هذه الأحداث المفترض وقوعها بفعل الإرهاب واستراتيجياته المتعبة في اختيار الأهداف ، لكنها تتعارض مع واقع الهدف المفترض وطبيعية الإجراءات الأمنية المشددة في مكان الانفجار (لو افترضنا إن الحادث الإجرامي وقع باختيار وتنظيم وتخطيط وتنفيذ القوى الإرهابية فقط).وبعد وقوع الحادث الإجرامي بساعات قليلة بدءت الجهات ذات العلاقة وغيرها بتصدير التصريحات (المعتاد عليها) وكيل التهم الجاهزة وتعليق الموضوع على شماعة (الاختراقات المتكررة) دون الاستناد على أي دليل ملموس أو حتى مجرد الاعتماد على تحليلات منطقية مبنية على أساس الخبرية العسكرية وغيرها . أما قضية الاختراقات فلا تبدو أنها جديدة أو مستغربة ، لكن الغريب في الموضوع كيف حدث هذا الاختراق ؟ ومن هو الشخص المخترق والذي ساعد على دخول هذه المتفجرات إلى مكان الحادث؟ ... هذه الأسئلة بدت تثير قلق القوات الأمنية لأنها عجزت عن الإجابة عنها طوال السنوات الماضية ، وضلت هوية الشخص المخترق مبهمة ومرعبة لهذه القوات أو على الأقل حتى لبعض القيادات العليا البعيد عن واقع التأثير السياسي في البلد .أما القوات الأمنية فهي الأخرى أصبحت ضحية من ضحايا الإرهاب والاختراقات في العراق ، ولايمكن التشكيك أبدا بولاء هذه القوات التي وقع على عاتقها مهام حماية المواطن من جهة وحماية انفسم من المسائلة بعد وقوع مثل هكذا اختراقات من جهة أخرى .كذلك قضية دفع الأموال وشراء الذمم والضمائر هي الأخرى مستبعدة أو على الأقل غير واردة في أحداث مثل تفجيرات كربلاء المقدسة بسبب صعوبة وصول هذه الزمر (أي الإرهابية) لقادة الهرم العسكري والأمني واختراقهم ماديا .ويبقى الاحتمال الأقرب إلى الواقع في عمليات الاختراق التي تجري في اغلب المحافظات العراقية وفي أصعب الأماكن الأمنية هو الثاثير السياسي المنصب على بعض قادة الأجهزة الأمنية من قبل القيادات السياسية المتنفذة ، أي بمعنى آخر إن هناك تنسيق مباشر من قبل بعض السياسيين مع قادة الأجهزة الأمنية لأحداث مثل هكذا أعمال إرهابية مقابل امتيازات قد تعطى لقادة هذه الأجهزة من اجل تسهيل دخول المجاميع الإرهابية ونقل موادهم المتفجرة إلى أماكن التنفيذ الحساسة ، وهنا تكمن صعوبة معرفة الشخص المخترق لأنه بلا شك من كبار القيادات الأمنية ، فليس من المعقول أن يخترق شرطي بسيط أو ضابط صغير لإيصال كل هذه المتفجرات إلى الأماكن الحساسة شديدة التحصين كما جرى في كربلاء وقبلها الانبار وصلاح الدين وبعض الأماكن الأخرى .وهنا يظهر جليا أن الإرهاب في العراق أصبح أداة طيعة بيد الساسة المتناحرين لتمرير أجنداتهم السياسية ، الأمر الذي يجعل من مكافحته أكثر صعوبة وتعقيدا لأنه بات يستظل بضل السياسيين .
https://telegram.me/buratha