قيس السهلاوي
ينفرد المجلس الأعلى من بين الكتل السياسية بخطابه المتوازن ودعواته المستمرة لباقي الكتل السياسية بتصفية خلافاتها وحلها عبر اللقاءات والحوارات وإيجاد الأرضيات المشتركة والانطلاق من قاعدة المصالح الوطنية في العمل السياسي ,حيث تسجل الإحداث بان المجلس الأعلى لم يكن يوما يحمل أية خطابات فردية أو شخصية ورئيسه السيد عمار الحكيم يحرص دائما على أن يكون الهم العراقي حاضرا وموجودا بقوة في خطاباته والتي تعكس اهتمامه بضرورة أن يكون توجه الجميع وطنيا والتخلي عن المكاسب والمصالح الفردية والأنانية الضيقة التي تؤدي الى التباعد والقطيعة بين مكونات الشعب العراقي والأحزاب السياسية ,حيث بات التذمر من أداء الكتل السياسية واضحا لدى الشارع العراقي الذي يفتش الآن عن خطابات وتوجهات أكثر وطنية وإخلاصا له . لقد بادر المجلس الأعلى الى القيام بالعديد من الخطوات التي تؤكد رغبته بحصول تغيير حقيقي في منهج وسلوك الأحزاب وضرورة ان تكون أكثر قربا من الشارع العراقي وذلك حين دعا الكتل السياسية إلى تقنين وتقليص عدد مسؤوليها في الدولة ,اضافة الى المطالبة بخفض رواتب واعضاء الرئاسات الثلاث وكان أيضا الكتلة الوحيدة التي قامت بإعلان استقالة مرشحها لمنصب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي استجابة لنداء المرجعية ومطلب الشارع العراقي بضرورة ان تقليص عدد الحقائب والمناصب الحكومية المهمة وإزالة الترهل الحاصل فيها وضمان حصول ترشيق حكومي فاعل ومهم ينعكس إيجابا على اداء الحكومة وليس مجرد مجرد أعداد ضخمة من الوزراء والمسؤولين العاطلين الذين يكبدون ميزانية الدولة أموالا طائلة من دون تقديم أي جهد حكومي وخدمي فاعل . المجلس الأعلى يمثل اليوم خطابا جديدا وسلوكا سياسيا يقوم على الوسطية والاعتدال وقبول الآخر والدعوة لان تكون سلوكيات الأحزاب موجهة نحو الشارع العراقي وليس بالابتعاد عنه والتأسيس لقاعدة مصالح حزبية وفئوية ضيقة تردف الفساد وتعززه وتشجعه وتخلق جدارا من العزلة عن الشعب العراقي . المجلس الأعلى كان وما يزال يطالب بدور فاعل للكتل البرلمانية بخدمة الشعب العراقي وحماية مصالحه والدعوات المستمرة المنطلقة لاقامة مشاريع استراتيجية تقتطع دولارا واحدا من كل برميل يصدر الى الخارج لتنمية المحافظات وهي المبادرة التي عرفت بمبادرة (البترو دولار) والتي ما تزال للاسف تصطدم بحواجز كبيرة من الروتين والبيروقراطية والارتجالية والعشوائية في تنفيذ المشاريع والتي كثيرا ما نكتشف انها مشاريع وهمية وتنفذ بطريقة خاطئة لم تنعكس ايجابيا على الواقع الخدمي لابناء المحافظات . المجلس الأعلى يحتفظ أيضا بقاعدة عريضة من العلاقات مع محيط العراق العربي وهي علاقات تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي وتؤكد منهج المجلس الأعلى العروبي وخطابه الذي لم يكن يوما ما شوفينيا أو مضادا لاحد وله رصيد كبير من العلاقات مع دول الخليج الكبيرة كالسعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان والأمارات ,إضافة إلى الدول العربية الأخرى كمصر وسوريا التي كانت وما تزال تحيط زيارات مسؤولي المجلس الأعلى بالرعاية والاهتمام والحفاوة والتي تعكس مكانة المجلس وتقدير هذه الدول لخطاباته ورموزه وشخصياته . المجلس الذي يحمل اليوم راية التغيير والتأسيس لخطاب سياسي أكثر وسطة واعتدالا وعصرنة يؤسس في الواقع لمنهج سياسي ما يزال غير موجود لدى الكتل السياسية الاخرى التي تغوص بسلبياتها وصراعاتها المكشوفة على السلطة إلى الأسفل وتغامر بمصير البلاد وأهلها نحو المزيد من التمزق والتناحر . المجلس الاعلى يتجاوز حاليا الاطر والقوالب الجامدة التي تحكم علاقة االاحزاب الاسلامية مع محيطها فهو منفتح على كافة التيارات السياسية في البلاد العلمانية والليبرالية والماركسية ايمانا منه بان تعدد الافكار والمناهج هو انعكاس طبيعي للاختلاف والتنوع الفكري ودليل على ثراء الامة الثقافي والاجتماعي ,فضلا عن تواصله الفكري والثقافي مع كافة المكونات كتعبير عن اعتزازه بها واتخاذه للرموز المرتبطة بثقافة البلاد واهلها شعارا وطنيا له .
https://telegram.me/buratha