حكمت مهدي جبار
يعتقد الغالب الأعم من الناس من ان المناهج الدراسية انما هي مجموعة من المقررات تطبع على شكل مواضيع في كتب توزع على طلبة المدارس.وأن الأساس في المدرسة هو ما موجود في بطون الكتب وأن حياة المدرسة وحقيقة وجودها كمؤسسة تعليمية تعتمد فقط على الكتاب (المنهج).ويعتبرون ان كل ماهو خارج حدود الكتاب المدرسي انما هو لهوا ولعبا ومضيعة للوقت..بينما ان المنهج المدرسي هو منهج حياتي عام وشامل لكل ما يرتبط بالمدرسة والكتاب المدرسي هو جزء من ذلك المنهج العام.. أن المنهج المدرسي بمفهومه الحديث والمعاصر لم ينحصر بفصول ومواد ومواضيع الكتاب المتكون من رزمة من الاوراق.بل هو مجموعة من الخبرات وأوجه النشاط التي توفرها المدرسة لتلاميذها داخل جدرانها وخارجها لكي تحقق للتلاميذ أقصى نموهم وتحقق للمجتمع اقصى فائدة مستطاعة طالما ان هذه الخبرات خاضعة لتوجيه المدرسة.فهو ليس مجرد معلومات او موادة دراسية نظرية فهو اوسع من ذلك بكثير فهو الى جانب المعلومات والمواد الدراسية والمهارات والتطبيقات والاتجاهات وطرق التفكير واساليب التصرف داخل الصف وخارجه فهو منهاج تخطط له المدرسة كمؤسسة مهمة وفعالة في المجتمع . وعندما نقول منهاج فأننا نقصد ان تقوم المدرسة بترجمة هذا المنهاج الى ممارسات عملية يبدأ من الادارة االتي تتمثل في مدير المدرسة ومعاونيه والموظفين العاملين مع الهيئة الادارية والكادر التدريسي لتنفيذ خطة مبرجمة يجب ان تطبق بشعور عال من المسؤولية . أن المهمة مشتركة بين جميع اطراف العملية التربوية ولكل حسب واجبه ومهمته.غير ان المهمة تلك تحتاج الى توجيه ورعاية وقيادة وحرص على ضرورة ان تسير العملية حسب توافق واتزان قائم على الانسجام والانسيابية في توزيع الواجبات.وأن انسيابية تنفيذ الواجبات في المدرسة لاتتم مالم يكن هناك تقدير وتقييم مع مراقبة ورصد لكل الحالات والظواهر .. ان كل عمل في المدرسة انما واحد يكمل الآخر.فلا أفضلية لجزء من عمل على الآخر.فليس سجل الغيابات أهم من جدول الدروس الاسبوعي ,ولا جدول توزيع الحصص أهم من وضع الدرجات, ولا توقيتات الدروس أهم من مراسيم رفع العلم.ولا الحانوت اهم من توزيع واجبات عمال الخدمة . وليس درس قواعد اللغة العربية اهم من درس التربية الفنية ,وليس درس الرياضيات اهم من درس التاريخ . ولا درس الكيمياء اهم من درس التربية الرياضية.وليس المواد التي نعلمها للتلميذ داخل الصف اهم مما يتعلمه التلميذ خارجه او منفصلة عنهما.وحتى اثناء الفرص بين الدروس قد تظهر من التلميذ مواهب وابداعات بل تلقائية في التعامل مع المعلومات اسرع منه امام المعلم والمدرس داخل الصف. ومن ان مدير المدرسة المهمل او المتماهل يشكل عائقا كبيرا امام تنفيذ المنهج مهما كان حديثا ومعاصرا وجديدا.فهما كان شكل المنهج فهو لاينفذ بالطريقة المنشودة ولا يجري منسابا كما يجري الماء في سواقيه ليروي النباتات اذا ما كان مدير المدرسة او هيئته الادارية تعاني من محدودية النظر وضعف في الثقافة الادارية فضلا عن رتابة الضمير وضعف الالتزام والضبط.ثم ان المنهج يبقى جامدا ولم يفعل ما لم تصاحبه اساليب التعاون والتفاهم وحسن العلاقات وتبادل الثقة ور وح الأخوة الصادقة الى جانب العلمية والمعرفية في اداء الواجب الرسمي وليس التخبط والاجتهاد الفردي . صحيح ان الحماس في العمل مطلوب والحيوية مؤشر ايجابي . غير انها تحتاج الى تأني وتدبر وحسن تصرف وكياسة ورشاقة وأناقة .أننا ومن خلال خبرة سنوات عمل في المؤسسة التربوية وجدنا ان المنهج لايتحدد بآلية التنفيذ التعليمية فقط ,ولايتحدد كونه مجرد خبرات ومهارات انما هو ترجمة للغايات الاساسية للتربية والتعليم منظمة بشكل خاص ووفق خصائص مجتمعنا كعراقيين . أن المنهج المدرسي ليس هو كتاب يتلقى منه الطالب المواضيع الدراسية فقط .انما هو برنامج عام وشامل لكل مكونات وعناصر المدرسة كمؤسسة تربوية تعليمية من ادارة وهيئة تعليمية وتدريسية وكادر وظيفي وعمال وملحقات اخرى ليمثل صورة المجتمع بكل مقوماته الاجتماعية والثقافية والسياسية .وكل منهج مدرسي هو وسيلة لتحقيق فلسفة المجتمع والتي هي فلسفة الحكومة لاسيما عندما تكون وطنية وقريبة من شعبها .وفلسفة المجتمع التعليمية تستمد مقوماتها من النظام الاجتماعي الذي تنشأفيه المدرسة .أذن فأن اعداد المناهج المدرسية في العراق يجب ان تستمد خصائصها من خصائص الحياة اليومية المعاصرة للمجتمع العراقي والتي وضع المنهج بالتأكيد لخدمته..حكمت مهدي جبار
https://telegram.me/buratha