احمد عبد الرحمن
لايكاد يمر يوم من الايام الا ونقرأ او نسمع ارقاما وحقائق عن حالات فساد اداري ومالي في مؤسسات الدولة تتسبب في هدر اموالا طائلة من خزئنة الدولة والممتلكات العامة.وبأستمرار نسمع من يقول ان الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة يفوق في خطره خطر الارهاب، ومثل هذا القول صحيح الى حد كبير، ان لم يكن صحيحا بالكامل.فأذا كانت اثار ونتائج ومعطيات الارهاب تبرز واضحة وجلية بصورة دموية واجرامية بشعة، حيث تتمثل بدماء تراق، وارواح تزهق، ومبان تدمر، واموال وممتلكات تخرب، فأن اثار ونتائج ومعطيات الفساد الاداري والمالي لاتظهر بنفس الدرجة من الوضوح، بل قد تبقى لفترة طويلة من الزمن غير ماثلة للعيان وبعيدة عن دائرة الرصد والتشخيص، فضلا عن المعالجة، وهو ما يعني تراكم الاثار والنتائج الكارثية لها.وخلال الاعوام الثمانية الماضية التي اعقبت الاطاحة بنظام صدام، فأن المليارات من اموال البلاد راحت الى جيوب وارصدة المفسدين، وعدد غير قليل منهم اشخاصا تبوأوا مواقع عليا في الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، ولانه لاوازع اخلاقي ولا ديني لديهم، ولارقابة وقوانين صارمة تخضعهم للمحاسبة والمساءلة فأنهم لم يتورعوا عن النهب والسلب.وكل ذلك انعكس على الواقع الحياتي للملايين من ابناء الشعب العراقي، فعدم توفر الطاقة الكهربائية، والمياه الصالحة للشرب، والمدارس، وانتشار البطالة في صفوف اعداد هائلة من اصحاب الشهادات والكفاءات، وتفشي العوز والفقر والحرمان في اوساط وشرائح اجتماعية كثيرة، وازمة السكن، كل ذلك وغيره من نتائج ومعطيات عمليات السلب والنهب المنظمة التي جرت وتجري بطرق ووسائل مختلفة.وجزء كبير من العمليات الارهابية تقع نتيجة تفشي تلك الافة، التي من خلالها يسهل اختراق دوائر ومؤسسات الدولة الامنية والعسكرية والادارية، واستدراج ذوي النفوس الضعيفة، لقتل الناس الابرياء، وتخريب وتدمير كل مظاهر ومعالم الحياة الطبيعية للناس.ان النجاح الحقيقي على الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية لايمكن له ان يكتمل وان يتبلور وينعكس على الواقع العام للبلاد الا من خلال تصدي الدولة بكل مؤسساتها لافة الفساد الاداري والمالي في اي مكان وموضع كان لها وجود، وتجاه اي شخص مهما كان موقعه او وظيفته، اذ ينبغي الا تكون هناك حصانة لاي مؤسسة ولا لاي شخص في هذا الجانب.ومجلس النواب العراقي، بأعتباره الجهة الرقابية الاعلى هو مسؤول مسؤولية حقيقية عن التصدي لتلك الظاهرة والافة الخطيرة، والحكومة هي الاخرى معنية، اذا ارادت بالفعل ان تتقدم الى الامام وتعالج الاخطاء والسلبيات وان تعزز النجاحات والمكاسب المتحققة سياسيا وامنيا واقتصاديا، وكذلك السلطة القضائية التي يقع على عاتقها التعاطي مع جرائم سرقة المال العام والتجاوز عليه، بطريقة حازمة بعيدا عن التسييس والمحاباة لهذا الطرف او ذاك.
https://telegram.me/buratha