حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
مما لاشك فيه إن العراق يقف على رأس البلدان المصدرة للنفط في العالم . إضافة إلى ما يملكه من مخزون نفطي ربما هو الأول في العالم كله . وهذه الإنتاج الغزير من النفط يجعل العائدات المالية التي يحصل عليها العراق كبيرة جدا إذا ما قارناها بما كان ينتجه العراق ويحصل عليه أبان حكم النظام البائد . حيث كان العراق حينها يصدر ما قيمته ( 1.5 ) مليون برميل يوميا او أكثر بقليل او اقل بقليل حسب الأوضاع آنذاك ، وكان سعر البرميل الواحد لا يتجاوز الـ ( 21 ) دولارا أمريكيا وكانت أموال النفط اغلبها تذهب إلى فائدة التصنيع العسكري في حينها ، وكان الشعب العراقي يعلم جيدا إن الأموال الباقية من واردات نفطه تذهب في جيوب صدام وزمرته ، سوى القليل مما كان يقدم للشعب العراقي حسب برنامج الأمم المتحدة ( النفط مقابل الغذاء ) . وهكذا أمضى الشعب العراقي تلك الحقبة المشؤومة والمظلمة من حياته القاسية دون أن يستفاد من عائدات نفطه . وألان فأن العراق يصدر ما قيمته ( 3 ) ملايين برميل يوميا ، ويصل سعر برميل النفط إلى أكثر من ( 100 ) دولارا أمريكيا . ولكن ما يذهب من هذه الأموال دون معرفة الشعب العراقي ربما يصل إلى ( 100 % ) حيث لا يعلم العراقيون ــ واقصد هنا الشعب وليس السياسيون ــ أين تذهب عائدات النفط ، ولكنه يسمع يوميا عن وجود صفقات ومقاولات وتعاقدات وايفادات بملايين الدولارات ، ولازال وضعه المعيشي كما هو لم يتغير إلى الان ؟؟ ، واكبر مثال على ذلك ما تشهده مفردات البطاقة التموينية من تردي واضح في نوعية وكمية المواد المقدمة للمواطن العراقي . على كل حال فمنذ زمن النظام البائد وحتى يومنا هذا لم يطبق شعار ( نفط الشعب للشعب ) لان من الظاهر إن حمى الأموال الكبيرة والمهولة التي ينتجها تصدير النفط العراقي تعمي عيون الجميع ولا يصبح في استطاعتهم رؤية حجم المعاناة التي يعانيها الشعب العراقي . فالبلد الذي يعتبر من البلدان الأولى في تصدير النفط لازال اغلب أبناءه يعيشون تحت خط الصفر ، ولازالت بناه التحتية متهرئة ومتهالكة والصناعة والزراعة في أدنى مستوياتها او ربما لا وجود لأي مستواً لها ، ولازال معدل البطالة فيه يسجل أعلى المستويات العالمية ، بالإضافة إلى ما نتج عن هذه الحالة من تفشي الفساد المالي والإداري في مفاصل الحكومة . إن ما يمكن أن نستنتج من كل هذا إن من الخطأ الفادح رفع شعار نفط الشعب للشعب لان ذلك يقلق الكثيرين في الحكومة العراقية ومنتفعيهم وداعميهم ، بل لابد أن يكون الشعار ( مال اللبن للبن ) .
https://telegram.me/buratha