عمار احمد
بالرغم من وجود مادة دستورية واضحة في الدستور العراقي تؤكد على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث في الدولة ، وهي التنفيذية والتشريعية والقضائية، الا ان واقع الحال يؤكد غياب هذا المبدأ بصورة شبه كاملة، وتمدد السلطة التنفيذية الى السلطتين الاخرتين واضح وملموس، وخصوصا على السلطة القضائية، والامثلة والدلائل على ذلك الامر ليست قليلة.ومثل هذا التدخل والتداخل غالبا ما يؤدي الى تعطيل الاحكام او اخضاعها لحسابات سياسية خاصة، اي بعبارة اخرى الاتجاه الى تسييس القضاء، وبالتالي تغييب معايير وضوابط العدالة والانصاف، بحيث نجد ان ناسا ابرياء يقبعون في السجون لفترات طويلة، وفي ذات الوقت يكون هناك مجرمين كبار طليقين واحرار، او ان احكاما بالاعدام صادرة بحقهم لكن لاتنفذ، مما يوفر لهم فسحة وفرصة للهروب او اتخاذ السجن وكرا للتخطيط لاعمال ارهابية ومتابعة تنفيذها مع جماعات خارج السجن.وقبل ثلاثة اسابيع تداولت وسائل الاعلام تقارير تفيد بأنه من بين اكثر من ثمانيمائة حكما قضائيا بالاعدام لم ينفذ سوى ثلاثة منها، وقد يقول قائل ان ذلك ليس من مسؤولية السلطة القضائية وانما تتحمله السلطة التنفيذية، وهذا صحيح، وهو دليل على ان الاحكام القضائية تخضع لحسابات سياسية خاصة، وليس الى معايير قانونية، وعدم تنفيذ الاحكام يعتبر دليلا دامغا على وجود التدخل والتداخل السلبي.اضافة الى ذلك فأن الكثير من اوامر القاء القبض التي تصدر من المحاكم، تصدر بتوجيهات وايعازات من جهات تنفيذية، ناهيك عن ان البعض منها او حتى الكثير يصدر استنادا الى معلومات المخبرين السريين التي من غير الضروري ان تكون حقيقية، بل ان جلها تكون كيدية وملفقة.ويوعز المواطنون ومحللون امنيون وسياسيون الاوضاع الامنية السيئة التي لايطرأ عليها تحسنا حقيقيا الى ضعف اداء المؤسسات القضائية وتهاونها مع الارهابيين والمجرمين، وايضا تهاون الجهات التنفيذية في الاسراع بتطبيق الاحكام القضائية ولاسيما احكام الاعدام بحق المدانيين، يضاف الى ذلك التهديدات والمخاطر التي يتعرض لها القضاء من ذوي المجرمين والجهات التي تقف ورائهم والذي يجعلهم يتلكؤون في القيام بمهامهم بالشكل المطلوب.وعمليات الهروب التي تحدث بين الحين والاخر من السجون، والحرائق المفتعلة التي تحصل في البعض منها وكذلك المواجهات المسلحة بين بعض النزلاء والحراسن كلها تشير الى التعطيل في تنفيذ الاحكام، وتشير ايضا الى ان الاجهزة الامنية المختلفة مخترقة من قبل الجماعات الارهابية، وما يستحق الاشارة في هذا الشأن هو ان هناك بعض السجناء يحظون في زنازينهم برعاية خاصة، بحيث يتندر البعض ويصف تلك الزنازين بأنها فنادق خمس نجوم، اذ تتوفر وسائل الراحة من تبريد وتدفئة وطعام جيد ووسائل اتصال وما الى ذلك.وما يتصوره ويفترضه البعض من ان احد مواضع الخلل والضعف في البناء المؤسساتي للدولة العراقية يتمثل بضعف القضاء وتداخله مع السلطة التنفيذية هو تصور وافتراض صحيح وفي محله، واي عملية اصلاح لاتشمل القضاء والسلطة القضائية لن تكون مجدية ومفيدة كما يؤمل منها.
https://telegram.me/buratha