فراس الغضبان الحمداني
ابتليت شعوبنا العربية من أقصى المحيط إلى الخليج بأنظمة دكتاتورية مستبدة لا تقيم وزنا أو قيمة لشعوبها ولا تتنازل لهم عن حقوقهم إلا بقوة السلاح أو الإعلان عن الغضب والتظاهر والاحتجاج وكما يحدث الآن في سوريا وليبيا واليمن وكما حدث في تونس ومصر .
ما يحدث الآن من غضب عارم تشارك به كل فئات الشعب من النساء والرجال والأطفال والشباب والشيوخ وعشرات الملايين وكلها تهتف من اجل الحرية والعدالة والكرامة وسقوط الطغاة وكل الشعارات الجميلة التي كنا نتغنى بها من الأناشيد الوطنية في كتب المدارس وبقصائد الشعراء والتي كان لا يسمح لنا إن نمارسها في الهواء الطلق لان الحكام لا يريدون لشعوبهم إلا إن يكونوا قطيعا للماشية جاهزة للذبح والحلب ، إن هذه الاستكانة والخنوع جعلت العالم الغربي يعتقد إن الشعوب العربية هم عبارة عن قطيع يرعى في مزرعة الأمير والسلطان والسيد الرئيس ويعيشون على المكرمات ولا يحبذون مثل بقية شعوب الأرض التمتع بالحرية والرفاهية .
إن الحكام الطغاة يعتقدون بعد إن أوهمهم الحاشية المنافقون أنهم آلهة مفوضين من رب السماء يحكمون العباد بالطريقة التي يشتهون ويختلسون من المال العام كما يحبون ويحرمون الناس من السكن ألائق والحياة المرفهة ويوسعون من السجون والمقابر الجماعية ويكثرون من الجيوش والأجهزة الأمنية والقمعية ليمارسون هوايتهم في قمع شعوبهم وإذلالها ، وأصبحت هذه العملية يمارسونها ليلا ونهارا وعلى مدار السنة والقرون وأصبحوا يتوارثون القمع والعروش وتنمية الكروش .
لقد أصبح هؤلاء الحكام ولا استثني منهم أحدا وكما قالها يوما الشاعر مظفر النواب هم من كبار المفسدين في العالم وان ثرواتهم اكتظت بها البنوك العالمية وفضائحهم تنتشر في كل المدن الأوربية والأمريكية وتتندر عليها وسائل الإعلام الأجنبية وأصبحوا مضربا للأمثال السيئة مسجلين الأرقام القياسية في الليالي الحمراء والأيام الملاح وخسارة المليارات على موائد القمار وصالات الروليت في أشهر الفنادق وأصبحوا أضحوكة للمغامرين والنصابين والمحتالين الذين ينصبون فخاخ الاحتيال على قادتنا أو أبنائهم وبناتهم وأحفادهم الذين يمارسون الرذيلة والبذخ الجنوني بهدر أموال الشعب المسحوق .
إن الحكام العرب ورثوا هذه العقلية التي تمارس العهر السياسي والفساد الاجتماعي من الخلفاء الفاسدين والأمراء الفاتحين منذ عشرات القرون ونجحوا في تخصية شعوبهم وتدجينهم ليبقوا هم وحدهم الفحول وسط القطعان من الجماهير كما يعتقدون إن الأحداث الأخيرة أكدت للحكام العرب الذين مازالوا على قيد الحياة والذين سبقوهم في الممات بان الشعوب عادت إليها فحوليتها وجاء يوم الحساب ليدفع كل القادة فاتورة ليس الأيام والسنوات التي مضت بل قرون الطغاة من أيام سفيان حتى مبارك والأسد وعلي عبدالله صالح وباقي الملوك والرؤساء المرعوبين امتداد إلى سلاطين وأمراء الخليج وصولا إلى المعتوه القذافي الذي خنع أخيرا في حفرة ستكون دائما ملاذا للمهزومين من الرؤساء الطغاة .
لقد ظهرت الآن في العراق طبقة من الأثرياء ( الديمقراطيين ) يمثلها أعضاء البرلمان والقيادات في الرئاسات الثلاث والوزراء والدرجات الخاصة والمستشارين والمقاولين والمزورين وجميع الفاسدين والمفسدين وأقرباء المسؤولين ، وتقابلها طبقة تظم ملايين البشر من العاطلين عن العمل والمهجرين والأرامل والأيتام واغلب هؤلاء يعيشون تحت خط الفقر وتحت رحمة الإرهاب مع انعدام شبه كامل للكهرباء والحد الأدنى من الخدمات وهم يعلمون جيدا إن العراق يسبح في بحيرة من الذهب الأسود ولم يحصل الفقراء منها على قوت يومهم بينما الحكام والحاشية يقبضون ويسرقون المليارات ويشيدون قصورا وناطحات سحاب في الخليج وفي مدن الضباب وعبر المحيطات .
إن هذه الملايين من الفقراء العراقيين التي تمتلك السلاح تكظم غيظها وهي تتعرض كل يوم إلى عمليات تحريض من قبل أجندات سياسية داخلية وإقليمية ودولية ومن وسائل إعلام وفضائيات وهم يصفون ويلوحون بان الحكام والحاشية والوزراء والمتنفذين والسماسرة والبرلمانيين يعيشون حياة الأمراء غير مبالين في الفقراء ، إلا يفكر هؤلاء الحكام إن تنفجر في أي لحظة براكين وزلازل لا يمكن حينها إن تقارن بما حدث في تونس وليبيا وسوريا واليمن ومصر لأننا نعرف حجم التطرف في الشخصنة العراقية أليس كل هذه الظروف والمعاناة الكارثية التي يعيشها شعبنا هي بوادر ثورة تلوح في الأفق .. يا حكامنا اتعظوا حتى يرحمكم الله .
https://telegram.me/buratha