كريم الشيحاني
تستغل عصابات الإرهاب الوضع السياسي المتأزم في البلاد لتحاول أن تعيد سيطرتها ونشاطها في العراق من جديد ,خصوصا وان الأمريكيين منحوا هذه العصابات فرصة لا تعوض من استئناف أنشطتهم الإرهابية من جديد ,حين اخرجوا آلاف الإرهابيين المحترفين من سجون بوكا والتاجي مقابل ان يقسم الإرهابي على المصحف بأنه لن يعود الى ممارسة أنشطته المسلحة من جديد في خطة ساذجة ومكشوفة تهدف إلى إبقاء ملف الإرهاب مفتوحا ومقايضة الوجود الأمريكي في العراق مقابل إيقاف الأنشطة الإرهابية المسلحة التي باتت الآن أكثر جرأة وكثافة وقدرة على استهداف المدن والمناطق العراقية المختلفة شمالا وجنويا غربا وشرقا . ومن الواضح ان قدرة الحكومة على إيقاف هذا النشاط الإرهابي ما يزال محفوف بالشكوك ,حيث التنازع والانقسام الواضح وتحول الدولة وأجهزتها الحكومية إلى ميدان لتصفية الحسابات وأعمال الانتقام وإعادة إنتاج الطائفية من جديد ,حيث تحولت وزارات الدولة الى محميات طائفية وعشائرية باسم هذا الحزب وذاك وكأننا أمام عودة ثانية الى وضع الاعوام 2005 و2006 من جديد ,لكن كل ما ينقص هذا المشهد هو حادث إرهابي ضخم بمستوى هجمات سامراء ورد فعل انتقامي شيعي يعيد تازيم الأوضاع من جديد . الانشغال بالمكاسب والصفقات التجارية وتغول الفساد في مؤسسات الدولة الى هذا الحد المخيف الذي أصبح امرا خطيرا ويهدد أوضاع البلاد بالخطر الشديد . ان القطيعة والتباعد بين المكونات السياسية واختطاف أنجاز الديمقراطية الذي تحقق وتحويله إلى هدف ومكسب وربح سياسي وحزبي ليس صحيحا ,بل ينذر بكوارث خطيرة ومسالة عودة الخلايا الإرهابية لاستئناف أنشطتها من جديد واحدة من اكبر علاماتها وسط ضعف حكومي واضح في مواجهتها . لقد جرب العراقيون في السابق الاختلاف والقطيعة والتباعد في الماضي وكانت النتيجة حربا دموية طاحنة ازهقت أرواح ألالاف من الأبرياء . ان الأيمان بالشراكة الحقيقية ينبع من داخل نهج الكتل والأحزاب المشاركة في العملية السياسية الحالية وتحويلها الى منهج عملي يقوم على قبول الآخر شريكا فاعلا في العملية وهذه الشراكة وحدها من تغلق الأبواب بوجه الإرهاب وتفعل من دور البرلمان وباي المؤسسات في البلاد التي ستكون الشراكة الحقيقية والفاعلة السند الرئيس لها لكي تقوم بعملها بالشكل الصحيح وعندها يمكن التصدي بحزم وشجاعة للإرهاب والفساد والاختلاس والانطلاق بشكل فاعل وصحيح لبناء دولة المؤسسات في البلاد والتي ما تزال مجرد شعار وحبرا على ورق يصطدم بانانية بعض السياسيين وركضهم نحو المناصب والكراسي حتى وان أدت إلى تازيم الأوضاع في البلاد وتدهورها من جديد ,خصوصا وان قسما من السياسيين الحاليين في البلاد لا يؤمنون بالديمقراطية ,بل يعتبرون ما حصلوا عليه من مكاسب سياسية استحقاقا لهم وممرا لتأسيس نوع جديد من الدكتاتورية والهيمنة باسم الديمقراطية والتحولات باعتبارها الوصفة الأقرب لحكم العراق من جديد وفق نهج دكتاتوري كنا قد ظننا بأننا غادرناه صبيحة يوم التاسع من نيسان من عام 2003. السيد عمار الحكيم ينفرد من بين كل السياسيين بدعواته المستمرة التي تنبع من قلب يتوجع على العراق والشعور بالألم أمام مشاهد القطيعة والتباعد ونتائجها السلبية التي تسمح للإرهاب بذبح المواطنين العراقيين وإضاعة الفرصة في بناء دولة المواطن التي لن تجد سندها في النزاعات ,بل في التقارب والتلاحم والمضي سوية في طريق البناء والأعمار لا الحروب والنزاعات .
https://telegram.me/buratha