حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
في العراق اليوم ، أضحى كل شيء مرتبط مع بعضه . وهذا الترابط ربما هو من سبب حالة الإرباك التلكوء وزيادة الأخطاء في الكثير من الملفات الحكومية ، الأمر الذي بات تأثيره يسقط بشكل مباشر على الشارع العراقي ، ففي العراق الان كل الأمور مرتبطة بما يكون عليه المشهد السياسي ، وأصبح هذا المشهد هو المحرك الأول والرئيس لمجمل الأحداث في العراق . أي بمعنى أخر إن جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تتأثر تأثيرا مباشرا على كل مستحدث في المشهد السياسي العراقي ، وصارت الاتفاقات والتقاطعات والمناكفات والتوافقات هي من تغير وتقود الأحداث في العراق ، مرة نحو الأفضل وأخرى نحو الأسوأ . ومن أهم الملفات التي تتأثر بالمشهد السياسي بشكل كبير هو الملف الأمني . حيث راح هذا الملف يزداد سواءا وإرباكا وتخلخلا كلما ازداد توتر العلاقات بين مختلف الكتل السياسية بحيث راح الأمر يؤثر بشكل سلبي على نوعية الأمن المقدم للمواطن من قبل الأجهزة الأمنية المختصة ، فكثيرا ما دعت المرجعية العليا في النجف الأشرف ، ودعا كذلك بعض قادة الكتل إلى ضرورة إبعاد الشارع العراقي عن ما يدور في أروقة السياسية حتى لا يكون هناك ما يعكر صفو هذا الشارع . ولكن هذه الدعوات والخطابات لم تجد لها آذانا صاغية لان ما يجري الان بين بعض قادة الكتل ونوابهم من إلصاق التهم والتشهير والتسقيط ، القى بضلاله بشكل كبير ومباشر على مجمل الأوضاع الأمنية في البلاد مما ساهم في خلق حالة من عدم الرضا من قبل المواطن العراقية لأجهزته الأمنية . فالتفجيرات الأخيرة في بعض المحافظات العراقية وعمليات الاغتيال بواسطة المسدسات الكاتمة والعبوات اللاصقة المستخدمة هذه الأيام بكثرة بالإضافة إلى ما جرى قبل أيام قلائل من جريمة النخيب وما تلاها من بعض الإرهاصات التي ظهرت من خلال وسائل الاعلام لبعض الشخصيات العراقية ، والتأخير المستمر في اختيار الوزراء الأمنيين ، كل تلك الأمور جعلت من الطبيعي أن ينظر للملف الأمني بأنه ملف غير متزن ولا يعمل وفق منظومة صحيحة ، ويدور منذ فترة ليست بالقصيرة في نفس الحلقة . وبالتالي صار الترابط بين الوضع الأمني والمشهد السياسي ترابطا قويا لا يمكن أن يتم الفصل بينهما إلا بجلوس الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة ، ونبذ الخلافات والمصالح الشخصية والحزبية وجعل المصلحة الوطنية هي محل الاهتمام بين الجميع .
https://telegram.me/buratha