الكاتب ..عمران الواسطي
من الطبيعي إن الأمم والدول والشعوب تسعى للاستفادة من تراثها الذي تركه لها رموزها ومفكريها وعلمائها وأبطالها ، وتحاول من خلال هذا التراث أن تصنع مجتمعا رصينا بكل المجالات ، وتخلق ثقافة تساهم بالارتقاء بشخصية الإنسان وبناءه النفسي والفكري وفق الأسس الصحيحة والمنطقية ، كما تعمل على إنضاج الأفكار وتحويلها إلى واقع علمي وعملي مدروس يقوي المجتمع وينهض بدعائمه ويضعه أمام الخيارات والمسارات الصحيحة . وغير ذلك مما يمكن الاستفادة منه واستثماره من تلك المقومات التراثية التي يصنعها العظماء . ونحن في الإسلام لدينا كم هائل وخزين لا ينضب من التراث الحضاري الكبير الذي حقق للبشرية الكمال والنجاح على يد أناس اختارهم الله واجتباهم وجعلهم خلفاء في الأرض يحكمون بعدل الله وعلمه . فالنبي الأكرم محمد بن عبد الله وآل بيته الطاهرين ( صلوات الهخ عليهم أجمعين ) هم المصداق الحقيقي والأمثل لما أقول . والاستفادة من علمهم وحكمتهم من ضروريات المصلحة العامة ، ومن الأساسات القوية التي لابد أن يبتني عليها المجتمع الناجح . وعليه لابد من الاستفادة من كل ما تركوه لنا من أفعال وأقوال لتكون خير معين لنا في تطوير شخصياتنا وبنانا العقلية . فما يقوم به الان سماحة السيد عمار الحكيم من الحديث عن نظرية الإدارة والقيادة التي اشتمل عليها عهد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لمالك الاشتر حين ولاه مصر هو مصداقا واقعيا لما يجب إن نستثمره في حياتنا العامة والخاصة لنصل إلى الرقي والنجاح . ومن ضمن ما عرضه سماحة السيد الحكيم خلال الملتقى الثقافي الأسبوعي الذي يقيمه سماحته في مكتبه الخاص ، ما هي عوارض السلطة وموقع المسؤولية من خلال هذا العهد والوصية المباركة ، حيث يشير أمير المؤمنين إلى ثلاثة عوارض في هذا المقطع الشريف (( وإذا احدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على مالا تقدر عليه من نفسك فان ذلك يطامن اليك من طماحك ويكف عنك من غربك ويفيء اليك بما عزب عنك من عقلك )) :1- الطماح السلطة من عوارضها حالة النشوز والطغيان والتمرد والغدر والمكيدة ، ونقض العهود والمواثيق حتى ذهب البعض إن السياسة في معناها لا تصدق إلا على المكر والخديعة ولا يوجد سياسة شريفة ونبيلة بل السياسة تعني غدر ونقض للعهود والمواثيق وهذا التفسير ناتج من ملاحظة الواقع الذي يسير على الأرض الكثير من السياسيين على مر العصور والدهور والأماكن والمواقع ينقضون ويكيدون ويتآمرون ويغيرون المسارات حتى أصبح البعض يعتقد إن السياسة ترادف المكر والخديعة ، فإذا وجدوا متدينا يمارس سياسة ينكرون عليه هذا ذلك متناسين إن السياسة في واقعها على نمطين فهناك سياسة مكر وخديعة ولعب وهي من يقع في هذا العارض من أعراض التصدي ولذلك اعتبر عارض ومرض ولكن هناك سياسة أخرى لمن حصن نفسه فلا يصاب بهذا العارض فتكون سياسة الشرف والنبل والقيم والمبادئ والدفاع عن الإنسان والمطالبة بالحقوق واستحضار المصالح العامة إلى غير ذلك .2- الغرب حالة الحدة والغضب والانفعال والأنانيات وكأن المسؤول له الحق في أن يشتم ويسب من يشاء ويهين من يشاء وهذه يطلق عليها في اللغة الغرب ، وتلاحظون إن أباً قد يلوع ويعذب أبناءه في البيت وليس لهذا الأمر علاقة بحجم المسؤولية فقد يكون شخص مسؤول عن الآلاف من الناس لا يبتلى بهذا العارض .3- ضياع العقل .وهنا يتصور إن الإنسان إذا كان في موقع مسؤولية معينة يكون قراره صائب وهنا يتبين إن من عوارض السلطة غياب العقل وهذا ما يلاحظه الإنسان أحيانا إن قرارات مصيرية لحكام وإمبراطوريات نقرأها في التاريخ كأن تكون قرارات لدول عظمى قرارات مجلس امن قد نراها أنها غير خاضعة للمنطق وليس بها حكمة .
https://telegram.me/buratha