حافظ آل بشارة
مرة اخرى يستضيف الرئيس جلال طالباني اجتماعا للكتل السياسية ، محاولة جديدة لمعالجة الازمة السياسية القائمة ، يقال ان الرئيس مهتم بمصير القوات الامريكية في العراق ، واذا ادرج موضوعا آخر للاجتماع فهو للمجاملة والتغطية ، الامريكيون يريدون قبل انسحابهم النهائي الاتفاق حول جنودهم الباقين في العراق للتدريب ، عددهم ، عملهم ، مكان اقامتهم ، وهل لهم من حصانة قانونية ؟ الرئيس مكلف بحسم هذا الملف وهو من قوم يدعون الى بقاء الامريكيين بلا قيد اوشرط ، لكن الشائع في اوساط الكتل ان اجتماع اليوم ان عقد فعلا فسوف يناقش الازمة السياسية القائمة في البلاد ، وهناك تشاؤم عام لأن الازمة اصبحت اكثر تعقيدا واتسعت الهوة بين الخصوم وامتدت الخلافات حتى بين الاصدقاء ، هناك تصور في الشارع وتهكم وطرائف مضحكة تقول بأن المجتمعين مستعدون لحسم موضوع القوات الامريكية في ساعة واحدة ، ولكن حسم خلافاتهم يتطلب سنوات . هذا نظام ديمقراطي ومعناه بالعربي (حكومة الشعب) ولكن لا أحد من المشاركين في هذا الحكم يهتم برأي الشعب ، استبيان بسيط سيظهر ان الجمهور لم يعد يشعر بتمثيل هذه القوى له ، ولا خلاف بأن التمثيل نوعان تمثيل تأريخي كأمر واقع اكتسبته بعض القوى كحركات تحرر قديمة جاهدت وناضلت لاسقاط النظام السابق ، وتمثيل انتخابي عبر صناديق الاقتراع يعزز التمثيل التأريخي ، ولكن مصداقية كلا التمثيلين تزعزعت كثيرا عندما شعر الجمهور بأن النخبة التي تمثله اصبحت لديها مصالح تتقاطع مع مصالحه ، واصبحت خلافاتها لا تهمه كثيرا ، ومع انه رضي مكرها بهذا التحول على أمل ان تتغير الاوضاع مستقبلا وجد ان الاطراف المتصارعة ان ربحت فربحها لها وحدها وان خسرت فالشعب هو الذي يدفع الثمن ! وهذه معادلة لا يرضاها الا احمق ، نقطة الضعف الكبرى لدى القوى المتصارعة هي انها تفقد غطاءها الجماهيري تدريجيا وترسم لنفسها صورة سيئة في الوسط الانتخابي ، صورة النفعي ، الاناني ، الفاشل في ادارة الدولة ، الفاشل في تحالفاته السياسية ، الفاقد للمقومات الاخلاقية التي يجب ان يتحلى بها الحاكمون ، الجاهل بتحولات الرأي العام واثرها في المستقبل السياسي . الأزمة بين الكتل لا تنفرج الا اذا التزم الجميع بشروط العمل المشترك ، وهي بديهيات معروفة في كل البلدان التي تدار بائتلاف سياسي وأهمها : التساهل وتقديم التنازلات المتقابلة ، الوفاء بالعهود المنعقدة بين القوى سواء كانت شفوية أو تحريرية ، احترام الدستور وعدم تجاوزه واتخاذه حكما في الخلافات ، تقديم ما فيه مصلحة البلد على المصالح الحزبية والشخصية ، النظر الى الأمور بأفق أوسع فالحكم تداولي لا يدوم عرشه لأحد ومن حرم اليوم من حقه سينتصف غدا ، والحاكم اليوم محكوم غدا ... الغريب ان جميع القوى السياسية نصبت منابر الوعظ وراحت تستنكر الازمة القائمة وتدعو الى الحل وتلعن الشيطان فمن هو المسؤول اذن ؟
https://telegram.me/buratha