قيس السهلاوي
منذ عقود طويلة والعراقيون يفتشون عن مساكن تاويهم وتجعلهم يعيشون فيها بكرامة ويؤمنون فيها مستقبل اولادهم ,لكن هذا الحلم كان وما يزال بعيد المنال ,حيث الحكومات العاجزة المنصرفة الى الحروب والازمات . يذكر السياسي والكاتب حسن العلوي في كتابه (دولة الاستعارة القومية ) بان الطاغية المقبور صدام كان يعكس عقده الشخصية على الشعب العراقي فهو كان يعيش في منزل طيني متواضع في طفولته وحتى شبابه ,لذا اصر على حرمان العراقيين من السكن المريح والواسع والرخيص رغم ان العراق بلد نفطي وثري ,حيث تعمد توزيع قطع الاراضي ومنح القروض السكنية لضباط الامن والمخابرات وكبار قادة الجيش الذين يدينون له بالولاء الشخصي بينما أصبح عامة لناس إما مستأجرين لمنازل أو شقق أو يملكون بيوتا عتيقة ومظلمة لا يستطيعون ترميمها او إعادة بنائها من جديد بسبب عدم كونهم من المحسوبين على دائرة اهتمامه . ومع سقوط النظام استبشر المواطنون خيرا بوجود حل لازمتهم المستعصية وحاولوا الضغط على الحكومة بشتى الوسائل فاحتلوا الدوائر والمؤسسات الحكومية التي تعرضت لاعمال النهب والتدمير وخرجوا في مظاهرات لم تكن كافية لاقناع الحكومة التي انشغل المسؤولون فيها بمكاسبهم المالية ورواتبهم الضخمة التي تكفي لشراء مئات الوحدات السكنية لهم ,فضلا عن العروض التمثيلية عن اجراء تعاقدات مع شركات عالمية كبرى لإقامة مدن سكنية ضخمة ومتطورة في العاصمة بغداد وسائر المحافظات . بينما الواقع كشف عن عدم جدية الحكومة واهتمامها وهيمنة عقلية البيروقراطية الادارية في مفاصلها ,إضافة الى تدهور الوضع الأمني الذي يمنع الشركات العالمية من القدوم الى العراق وحتى في المحافظات الجنوبية الأكثر استقرارا والتي نجد ان حركة الاعمار فيها ما تزال بطيئة ولا تتناسب مع طموحات اهلها والمشاريع تنفذ ببطء شديد وتتجاوز السقوف الزمنية المحددة لها بسبب خلافات التمويل والتنفيذ . التقارير العالمية تؤكد حاجة العراق إلى أكثر من خمسة ملايين وحدة سكنية على الاقل لإنهاء ألازمة ووضع حد لها وهو رقم خرافي وكبير ويحتاج إلى ألاف الشركات العالمية ولأموال طائلة والى مدد زمنية كبيرة لتنفيذها على ارض الواقع ,لكن هذا لن يمنع من الذهاب نحو إقامة المزيد من هذه المشاريع وبعدد محدود على الأقل من اجل تشكيل بداية ناجحة وإيجاد حل للازمة المتفاقمة التي تعد شاهدا على عجز الحكومة وتواريها خلف المبررات والاعذار لتنأى بنفسها عنة إيجاد حل للازمة والتي بالامكان معالجتها لو أرادت ذلك عن طريق التنفيذ الحكومي المباشر لهذه المشاريع من خلال شركات المقاولات الحكومية والشركات التابعة لوزارة الصناعة والتي تملك خبرات كبيرة في مجال البناء والانشاءات عبر شراء المعدات الهندسية من رافعات وخباطات اسمنتية وشاحنات وكذلك إعادة تأهيل مصانع الطابوق والاسمنت والحديد والصلب لتغطية الطلب المحلي بدلا من حالة التوقف التي تعاني منها بسبب غياب الدعم المالي لها رغم ان الطلب المحلي على منتجاتها سيسد احتياجاتها المالية وسيؤمن لها المرود المالي لتطوير مصانعها ,إضافة الى الاستعانة بالأيدي العاملة المحلية العراقية وتشغيل عشرات الالاف من الشباب العاطل عن العمل في هذه المشاريع وامتصاص نسبة كبيرة من البطالة عن طريق تنفيذ هذه المشاريع ,لكنه وللأسف لا تتوفر لدينا الإرادة ووجود القيادة السياسية التي تشعر بمعاناة المواطن العراقي وتنزل الى الشارع العراقي بنفسها لحل ألازمة كما كان يفعل القذافي رغم جرائمه وبشاعته ,حيث كان يصطحب معه مدير البلدية او أي وزير في الدولة الى الشارع وتفقد الشوارع والمؤسسات التابعة لهذا الوزير او المسؤول ومعاينة اوجه القصور والخلل ومحاسبة المسؤول في الشارع وامام الناس واجباره على ازالة وجه الخلل والقصور . من المؤكد اننا لن نجد مسؤولا عراقيا واحدا من دون عيوب وبالتأكيد أن شوارع العراق كلها ليست كافية لتكون مسرحا لمعاقبتهم على قصورهم وفشلهم .
https://telegram.me/buratha