المقالات

نعم للخصومة لا للتنازل ؟

690 22:58:00 2011-10-07

صبيح الناصري

ألازمة السياسية التي تعيشها البلاد وحالة القطيعة بين قائمتي العراقية وائتلاف دولة القانون هي في الواقع نتاج ذهنية سياسية لا تؤمن بقبول الاخر والاعتراف به شريكا أساسيا في العمل السياسي ويبدو ان الطرفين مرتاحان لهذه ألازمة ,حيث التركيبة السياسية لكلا الكتلتين اللتان تضمان قادة بحجم المالكي وعلاوي اللذان لايقتنعان بمناصب اقل من الزعامة ,حيث انهما يديران الازمة بطريقة تبقيهم في الاضواء ,حيث اننا نعلم ان المالكي لا يرغب بوجود علاوي الى جانبه منافسا له في صلاحياته وعلاوي لن يقبل بان يتحول الى زعيم شرفي لمجلس بروتوكولي وضع لاسكاته ,حيث يصر علاوي على ان يكون لمجلسه دور وصلاحيات لا تقل عن صلاحيات المالكي . هذه العقدة تتسبب في الواقع بانتاج ازمة سياسية معقدة وطويلة ولن تنتهي في الوقت القريب وربما تنتهي الدورة البرلمانية الحالية من دون ان نشهد حلا لها , اذ ان المالكي يجد نفسه حاليا في موقع قوي يسمح له بالمناورة وكسب الوقت وتلويح علاوي والبارزاني لاسقاط المالكي بعد سحب الثقة منه في البرلمان . المالكي متاكد من انها لن تتم ,حيث ان علاوي لن يجازف باغضاب حلفائه السنة من الهاشمي والمطلك بالإذعان الى شروط الأكراد لمنحه الموافقة على تولي منصب رئيس الوزراء مقابل التنازل عن كركوك والموافقة على الشروط الكردية الأخرى فيما يخص الموازنة وقانون النفط والغاز وهو موقف يعلم المالكي ان له أثمانا إقليمية أخرى ,حيث ان ايران ستنزل بأقصى قوتها الى الداخل العراقي لاضعاف علاوي واسقاطه باعتبار ان ايران لن تسمح لحليف السعودية بان يدير دفة الحكم في العراق كما حصل في لبنان عندما سقط الحريري بسرعة رغم الدعم المالي السعودي الضخم . وسواء أكان ائتلاف القانون او العراقية هو المتهم بإطالة أمد ألازمة فان الواقع يعكس غياب ثقافة تقديم التنازلات ومراعاة المصلحة الوطنية وعدم تقدير عواقب إطالة امد هذا الخلاف على حساب الواقع العراقي الداخلي والاقليمي وفسح المجال امام التدخلات الخارجية التي ستستغل هذه الازمة والاتصال بطرفي النزاع وحثهم على التشدد في مواقفهم من اجل ان يبقى العراق ضعيفا وخارج حسابات المنافسة التي يمكن ان تتوفر في حال استقرار البلاد سياسيا وامنيا . درس النخيب كان حاضرا عن قوة تدخل الإطراف الخارجية ومدى تاثيرها في استغلال التنازع السياسي الموجود حاليا في البلاد لادخالها في انفاق مظلمة من غياب الأمن والاستقرار والتعرض لأعمال وهجمات إرهابية دامية أخذت بالتزايد والصعود في الفترة الأخيرة وتزيد من فاتورة الدم العراقي المدفوعة منذ أكثر من ثمانية أعوام فشلت فيها الكتل السياسية في تجاوز عقد الخلافات ومربعات التسقيط والتخوين وفي الخروج بنقاط ايجابية كثيرة تسمح بظهور بلد مزدهر ومستقر , حيث ما تزال الخلافات والقطيعة متسيدة المشهد السياسي وأصبحت عملية تشكيل الحكومة أصعب فترة في تاريخ العراقيين الذين يصطدمون في كل أربعة أعوام مشاهد تصاعد ألازمات السياسية وتحول عملية تشكيل الحكومة الى سباق مارثون شاق وصعب ينتهي بتسويات اللحظة الأخيرة والي ترافقها في الغالب تنازلات لن تنفذ واجواء كراهية ومصافحات غير ودية سرعان ما ينتهي المشهد بخروج المتخاصمين من دون التوصل لأية اتفاقات بالرغم من تكرار الدعوات للحوار التي لا يؤمن بها هؤلاء المتخاصمون اصلا والباحثين عن مكاسب وأمجاد ومناصب ومنافع تجعلهم باقين في صدارة المهد وفي لب الاهتمام الدولي والإقليمي اما ثقافة التنازل والتفكير بمصلحة الوطن فهو شيء أخر ولم نجد بعد تلك الطبقة السياسية التي تؤثر مصلحة الوطن على مصلحتها الحزبية والشخصية كما فعلها غوردن براون الذي تنازل لديفيد كاميرون رغم حصوله على اغلبية المقاعد ,لكنه رفض الانانية والمصلحة الشخصية وفضل مصلحة بلده بريطانيا وكذلك فعلت رئيسة وزراء اسرائيل (تسني ليفني ) التي فازت في المركز الاول في الانتخابات الاخيرة لكن فوزها لم يكن يسمح لها بالانفراد بتشكيل الحكومة ولم تنجح في جمع المقاعد الكافية لتشكيل حكومة الاغلبية في البرلمان فتنازلت لصالح خصمها ناتانياهو الذي انتهز الفرصة وقدم التنازلات لليمين المتطرف الذي اوصله الى مقعد رئيس الوزراء رغم تضرره من هذا الوضع والاحتجاجات المتصاعدة في الداخل والخارج تجاه هذا الاختيار . ان سياسيينا لم يصلوا بعد الى هذا المستوى المرتفع من ثقافة التنازلات والتضحيات من اجل الوطن ,بل بالعكس نجدهم مصرين على مواقفهم المتصلبة والمتشددة تجاه الاخر ونبذه وتخوينه وربما شطبه من العمل السياسي دون تقدير عواقب هذا العمل وانعكاساته مستقبلا على أوضاع البلاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العراقي1
2011-10-08
الشعب يحكم نفسه بنفسه واما الحكومه لازالت حلبة الصراعات لم تنتهي بل هي في اوجها والشعب العراقي لم يرى من هذه الحكومه غير الصراعات وتبادل التهم وكشف الاسرار وتعرية بعضهم البعض وتراشق بالتهديد واللعن ويخون بعضهم بعضا والفساد الاداري والمالي كارثي فالشعب محكوم بلاحكومه والحكومه خضراء بلا شعب فهم في وادي الخضراء والشعب في وادي المتاهات والاهات والويلات-الشعب العراقي بحاجه الى حكومه متى يبقى العراق بلا حكومه اقصد حكومه شريفه صالحه اخلاقيه وطنيه همها شعبها لا جيوبها ومصالحها حكومة مؤمنه لاحكومة صراعات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك