علي حميد الطائي
هناك في لهجة السياسة(الداخلية) حديث متكرر من قبل بعض المسئولين في الدولة عن الصراع بين منطق الدولة وبين منطق خصومها ، ليصوروا أن المتنفذين والمعارضين لسياسة العهد الحالي ،هم الفريق الذي يقف ضد منطق الدولة ، ولكن المسألة في التفكير السياسي الموضوعي المحايد ليست كذلك.. إن مشكلة بعض الناس أنهم يعتبرون أنفسهم أنهم رموزاً للدولة ،كما لو كانوا هم الدولة . والواقع أنهم مجرد مرحلة من مراحل حركة الدولة في ألوان الحكم الذي يديرها ،مما يجعل من المعارضة له رفضاً للنهج السياسي الذي يمثله ولاستغلال مواقع الحكم في الدولة للمصالح الخاصة ، في زيادة استثماراتهم المالية الشخصية ،وفي الاستفادة من مراكزهم للسيطرة على المشاريع لحسب شركائهم وأقربائهم ،والدخول في متاهات العلاقات الخفية في دهاليز السياسية الدولية ! ويبقى السؤال يطرح نفسه : هل التظاهر السلمي وصوت المعارضة ضد منطق الدولة وهل الدعوة إلى ترتيب الأوليات على مستوى حاجات الشعب الحياتية ،والرفض لسقوط البلاد في متهات الوعود الفارغة ضد منطق الدولة؟إن المتنفذين والمعترضين والمتظاهرين المسالمين بجميع فئاتهم وطبقاتهم يؤكدون منطق الدولة من اجل تعزيز الدور الجماهيري في تقويم ورصد الحالة الداخلية بكل عناوينها المطلوبة والمساهمة الفعالة والمباشرة بدفع عجلة الإنماء والأعمار الى الأمام ، والحث على مضاعفة الجهود من أجل تلافي الأخطاء الماضية .إن الجماهير تريد من حكومتها أن تعمق الصلة السياسية والاجتماعية في كل الساحة العراقية حتى يكون العراق نموذجاً حياً لبقية بلدان المنطقة في تأكيده على الحوار السياسي الموضوعي القائم على مصالح الناس كلهم ،لاعلى أساس اللعبة السياسية الشخصية . والشعب يريد من الدولة أن تقوم (بنفسها) بثورة ضد الظلم والاحتكار والاستغلال والفقر , ولتكن الدولة لمصلحة الشعب كله من خلال تقوى الله في رعاية عباده وبلاده ،ولتقف مع الجماهير صفاً واحداً ضد الفساد وهدر المال العام ،ولتكن هي الصوت الصارخ في ميادين الأعمار والبناء قبل صوت الجماهير ،ولتكن هي المطالبة بتوفير الخدمات وتحقيق الأمن وزيادة فرص العمل ورفع الحيف عن كاهل المواطنين ،فادا فعلت الدولة ذلك ،تكون قد طبقت الشعارات والبرامج التي رفعتها قبل الانتخابات من قبيل التحقيق الفعلي (وليس الشكلي)للديمقراطية ،وترسيخ مبادئ الحرية وحقوق الإنسان ،وخضوع الجميع للقانون ،ورفع مستوى الخدمات لجميع أبناء الشعب العراقي .نعم نحن نأمل أن تكون هناك خطة حكومية لتخفيف الأزمة الناتجة عن عدة عوامل اغلبها تتعلق بالجانبين الخدمي والمعيشي ،والتي يطالب بها المواطن والذي له كل الحق في التظاهر بكل حرية والمطالبة السلمية بحقوقه المشروعة التي أقرتها له قوانين ودساتير الدولة قبل أن يقرها هو لنفسه.. كما أننا نهيب بالدولة أن لاتقفز فوق المشاكل من دون دراسة معمقة ،لان المراحل الصعبة التي يمر بها البلد والمنطقة لاترحم سياسة الارتجال والمحاصصة !! إن منطق ( أنا الدولة ). لم يعد له مكان في زمان الديمقراطية والحرية ، وان سياسة أنا الدولة أثبتت جميع الوقائع والتجارب السياسية الماضية فشلها ،لان الشعب هو الدولة والدولة لاوجود لها دون شعب، وأما المالك الواقعي والحقيقي والشرعي للدولة هو الشعب ...
https://telegram.me/buratha