سعد البصري
كثيرة هي البحوث والتقارير والدراسات التي تجريها جهات متعددة ، رسمية وغير رسمية ومنظمات مجتمع مدني ، وغير ذلك من المؤسسات التي تعنى بما يحدث للشعوب . وخصوصا تلك التي تخضع لسياسات معينة نتيجة دخولها في حروب ومشاكل وأزمات . وتتعدد هذه الدراسات والتقارير بتعدد مجالاتها .. فمنها الاقتصادي والصحي والنفسي والاجتماعي . والعراق ولله الحمد واحدا من تلك الشعوب التي يتم إجراء مجموعة من الدراسات وإعداد التقارير عنه سنويا ، وما يزيد الأمر غرابة إن اغلب تلك التقارير تشير إلى تدني كبير في كافة المستويات ، كما يشير التقرير الأتي إن المؤشرات السلبية في العراق تتصاعد . فالتقرير الدولي الذي أصدره "معهد غالوب" البحثي والإحصائي البارز وحمل عنوانا أساسيا " السلبية الاقتصادية تنتشر في العراق" وآخر ثانويا "في غمرة الحرب والعنف الدائرين لا بدّ من أن يواجه شعب هذا البلد أيضاً اقتصاداً متردياً".أكد إن مستوى استياء العراقيين من الأحوال الاقتصادية في بلادهم وصل إلى أعلى درجة مما كان عليه على مدى ثلاث سنوات، ليسلّط الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومة في الوقت الذي تعتزم فيه الولايات المتحدة سحب قواتها . كما إن النسبة المئوية للعراقيين الذين يقولون إن اقتصاد البلد العام يزداد سوءاً قفزت من 20 % في أوائل عام 2010 إلى 37 % في عام 2011 ، وارتفع أيضاً مستوى سخط العراقيين تجاه الأحوال الاقتصادية في المدن والمناطق التي يعيشون فيها. ويقول ثلاثون بالمائة من العراقيين الآن إن اقتصادياتهم المحلية تزداد سوءاً، وهو ما يمثّل ضعف نسبة الذين قالوا ذلك في أوائل عام 2010 .ويشير التقرير إلى إن ما يقرب من ثلثي العراقيين يقولون إن الوقت يعتبر سيئاً للعثور على وظيفة في المدينة أو المنطقة التي يعيشون فيها، بارتفاع من نسبة قدرها 41 % في أوائل عام 2010 . بينما يقول ستة عشر بالمائة من العراقيين - وهي نسبة تقل عن نصف المستوى في الوقت نفسه تقريباً قبل عام واحد إن الوقت الآن يعتبر مناسباً لإيجاد فرصة عمل على الصعيد المحلي . كما لا يعتقد معظم العراقيين أيضاً أن الحكومة تفعل ما يكفي لتشجيع القطاع الخاص. فقد ظل مستوى الرضا عن الجهود المبذولة لخلق وظائف عالية الجودة أقل من 20 % على مدى السنوات الثلاثة الماضية، ويتجه للانخفاض . ويقول 60 % من العراقيين الآن إنه لا يمكن لشخص أن يبدأ عملاً تجارياً او أن يثق في أن أصوله وممتلكاته ستكون آمنة في جميع الأوقات. وهو ما يمثّل ارتفاعاً من نسبة قدرها 46 % منذ أقل من عام . كما لا يعتقد %69 من العراقيين أنه يسهل على أي شخص يبدأ عملاً تجارياً الحصول على قرض، ويقول 67 % إن الحكومة لا تسهل بالشكل الكافي عملية استخراج الأوراق أو التصاريح والرخص للطموحين من رواد المشاريع الخاصة. ولا يثق أربعة وخمسون في المائة من العراقيين في أن الحكومة سوف تسمح للشركات بكسب الكثير من المال، وترى نسبة قدرها 40 % أن أصحاب الأعمال سوف يجدون صعوبة في العثور على موظفين مؤهلين يعملون بجد عند الحاجة إليهم . وهذا يمثّل أعلى مستوى من التشكك أعرب العراقيون عنه بشأن مستوى عرض العمالة في بلدهم . وتتزامن مخاوف العراقيين المتنامية بشأن الاقتصاد وغيره من جوانب الحياة في بلدهم مع ارتفاع ملحوظ في المشاعر السلبية . فتنتشر الآن بشكل أكبر مشاعر التوتر والغضب والحزن في العراق مقارنةً بالسنوات القليلة الماضية . وقد لا يكون ذلك مثيراً للدهشة في بلد ما زالت تحدث فيه التفجيرات والاغتيالات بشكل شبه منتظم، وتنتشر فيه الأمراض العقلية الناجمة عن الصدمات النفسية. ويشير التقرير أيضا إلى أن العراق ليس لديه سوى حوالي 100 طبيب نفسي لعدد سكان يبلغ 30 مليون نسمة . كما يذكر التقرير في فقرات أخرى إن العراقيين باتوا يعانون من الإهمال الحكومي من قبل المسؤولين في الحكومة العراقية . والنتيجة فان ما يشير إليه هذا التقرير وغيره من التقارير الكثيرة يعتبر مؤشرا خطيرا عن ما يدور في المشهد العراقي ككل ، إذ لابد على الحكومة العراقية أن تساهم في إيجاد السبل والوسائل اللازمة لتغيير ما يمكن تغييره لتكون النتائج بشكل أخر .
https://telegram.me/buratha