علي حسين غلام
يوقظني غيابك دون موعدٍ إيها المسافر الفيلي بلا إستئذانٍ أو وداعٍ الى عالم الملتقى الأبدي، يوقظني طول مشوار رحيلك الذي أنهك الصبر وأتعب الإنتظار وأنهى جدل عودتك الى الديار، بسفرك تركت خلفك أعاصير رزايا الأحزان تضرب قلوباً وبيوتاً وتقتل آمالاً وتنهي أحلاماً وتحبس أنفاساً، تركت عرساً مات عند الباب ليغادر الفرح الدار، تركت أماً وأباً مجنونين يهيمان في المقابر يبحثان ولو عن اسمك دون رسمك وما زالا يوقدان الشموع والبخور كل خميس، تركت آثاراً تعانق كل مكان تنقصها البسمة والضحكة وخيالاً تكسرت على الآثاث والجدران بعد أن أغتسلت بعبق عطرك الفواح، تركت روحاً في ريعان شبابها وقد تقمصت الصور والذكريات تحوم حول الدار تأن من آلامٍ ومازالت تداعب وتحاور كل شيء وترسم رحاب الماضي بلا ألوان وتحكي خواطر وحكايات لغريبٍ مكسور الجناح... لأسيرٍ حرم من شربة ماء.. لشهيدٍ مسافرٍ من دون شهادة وفاة، هذه عناوينك وتضاف عليها عناوين تعذبني ويقشعر منها بدني..مثروم تأكلك الأسماك في النهر.. مذاب لا أثر لك في حوض (التيزاب).. مسموم أو محروق بالتجارب الكيمياوية أو جسداً مزقته الألغام، أين أنت ايها المسافر دلني على مكانك الذي أخفاه الجلادون بمؤازرة القدر دلني على مثواك الذي نمت فيه بثيابك أوعرياناً بلا كفناً ، حدثني بصمت لكي لاتسمع أمك في أي وقت توقفت ساعة الحياة ونهاية رحلة السفر، أريد أن أسافر خلفك في أغوار الأرض القاتمة باحثاً عن جسدٍ أو بقايا عظامٍ أو رائحة أمتزجت في التراب لأقيم محراب بكائي وألبس سواد أحزاني في سراديق العزاء، وأستجدي الصبر والسلوان بعد أن نفذ صبري وقلة حيلتي، رفقاً بأمك لا توقظها وقد نامت في فراش ثيابك العتيق ودع ذاكرتها المشحونة بذكراك تأخذ قسطاً من الراحة قبل أن تستيقظ فتغرقها الدموع ، لقد أحنى سفرك ظهرها بحملك الثقيل.. الثقيل وأبيض عينها من البكاء وأصبحت بالية الجسد خائرة القوى وبقلب عليل تحبو كالطفل حين تسمع أسمك و تحضن وتشم كل من له ملامح رسمك ولم تزل تلبس ذلك الثوب الأسود وتفترش الأرض تحاكيها أين ولدي أين نور عيني ومهجة قلبي اين عريسي الذي لم يرى عروسته وفرحة لم تكتمل وأين ... وأين وأسئلة لاجواب لها، لا توقظ الجميع ولا توقظني من غفلتي عنك وأنا أتحدى الدنيا والأشرار من أجل أن أثبت وجودي وهويتي وأكافح من أجل وطني الذي أغتصبته الخفافيش التي قتلت الشرفاء وأحييت الأذلاء لتمتص الدماء بعد أن عثوا في البلاد الفساد وجعلوا الشعب في سجن حديد كبير، أرادوا قتل أسمنا ومحو أثارنا وتغير تاريخينا المجيد ورفعه من سجل تاريخ الوطن أرادوا أن يجعلونا غرباء الوطن ونحن من أٌصَلائِها وبُناتِها وأطلقوا علينا أسماء ومسميات وعناوين واتهمونا بتهم ما أنزل الله بها من سلطان، الذي أرعبهم في حصونهم هو وطنيتنا وصدقنا وأمانتنا التي لايزايد فيها أحد علينا والتي أغضبت جلادهم ليطلق كلابه المسعورة وضباعه الجائعة ليقتادوا من يقع ضحية بأيديهم الى جهات مجهولة تقام فيها طقوس الدكتاتورية الشوفينية، أيقظتني ورأينا معاً كيف هربت الخفافيش الى كهوفها المظلمة وكيف كان مصير القائد المهان وهو يقف خلف القضبان ليحاكم وفق العدالة الوضعية والألهية وينال نصيبه على ما أقترف من جرائم يلعنه التاريخ والعالم وتكون النهاية الأبدية لجمهررية الحقد والدم... أن الله يمهل ولا يهمل والعاقبة للشهداء.
https://telegram.me/buratha