سعد البصري
من المعروف إن العراق بطبيعته الديموغرافية يحوي العديد من القوميات والأديان والمذاهب والطوائف ، وقد عاشت جميعها على هذه الأرض منذ الآلاف السنين ، واستوطن بعضها البعض حتى صارت بينهم مجموعة كبيرة من الروابط والوشائج يكاد العراق والعراقيون يتفردون بها دون باقي البلدان العربية وغير العربية . وكان لهذه المصالح والروابط الأثر الكبير في تقوية الروح الوطنية بين مختلف القوميات والمذاهب ، لان ما يجمع العراقيين ويرص صفوفهم ويوحدهم أكثر بكثير مما يفرقهم ويباعد بينهم . فالعرب إخوة للجميع والكرد إخوة للجميع والتركمان والشبك والايزيدية وغيرها من الطوائف هم مع إخوانهم العراقيون مصير واحد ومصالح مشتركة واحدة . وان أي عراقي عندما يسمع إن إحدى هذه الطوائف والقوميات تتعرض لإقصاء او أذى فانه أول المتأثرين ، ويعتبر ما يصيبهم يصيبه . ولكنه يتألم كثيرا عندما يسمع إن إحدى هذه القوميات بدأت تفكر جديا بالانفصال عن العراق ، كما هو الحال في الدعايات الكثيرة التي تقول بان الوقت قد حان لإعلان الأكراد لدولتهم المستقلة ..؟؟ أليس الأكراد هم أبناء هذا الوطن ؟؟ أليس العراقيون هم جميعا إخوة ؟؟ أليس ما يصيب الأكراد يصيب الجميع ؟؟. ربما إن اصدق مثال على إن العراقيين منتمين إلى هذا الوطن الواحد هو ما قام به سماحة الإمام محسن الحكيم ( قدس ) أبان حرب الشمال بين الحكومة العراقية الظالمة آنذاك وبين الشعب الكردي ، حينما اصدر سماحته فتواه المشهورة بتحريم قتال الأكراد لأنهم مسلمون وعراقيون . وكان لهذه الفتوى الأثر البالغ في تقريب وتوحيد الروح الوطنية بين الأكراد والعرب . ففي خبر مفاده إن رئيس حزب ( الاتحاد الوطني الكردستاني) الرئيس جلال طالباني دعا الشعب الكردي إلى ( الوحدة لأن الوقت حان لإعلان دولتهم المستقلة) ، فيما اعتبر قياديان في الحزب أن المواقف الرسمية للأكراد ما زالت متمسكة بالبقاء ضمن عراق فيدرالي موحد، على رغم تنامي الرغبة الشعبية بالاستقلال . وبرزت أخيراً في إقليم كردستان مجموعات ومؤسسات مدنية تشكلت للدعوة إلى إعلان دولة كردية ، فيما تصاعدت المطالب في الأوساط الشعبية والثقافية والاجتماعية لتبني الخطوة ، خصوصاً بعد إعلان دولة جنوب السودان ، لكن السياسيين والمسؤولين الحكوميين كانوا اقل حماسة ، وأعلنوا التزامهم البقاء ضمن العراق . ولكن ما يعزز إن الإخوة المسؤولين الأكراد لهم رأي أخر وضرورة البقاء ضمن الإطار العراقي هو ما يعلنه هؤلاء المسؤولين حول هذا الموضوع ، إذ قال القيادي في الاتحاد الوطني سعدي بيره إن ( برلمان إقليم كردستان اتخذ قراراً بالبقاء ضمن عراق فيدرالي موحد، والمرجع هو البرلمان الذي لم يتخذ حتى الآن أي قرار من هذا النوع ، كما لا يوجد أي تغيير في موقف الاتحاد بهذا الخصوص ) ، مبيناً أن هذا الاقتراح لا يخضع إلى المزاج اليومي لفئة سياسية معينة، وهذه مسألة مهمة تحتاج إلى دراسة مستفيضة تتعلق بالموقف الداخلي والإقليمي والدولي، ولا توجد دراسة وافية يعتمد عليها . أنا هنا اشد على يد كل من يدعوا إلى الوحدة الوطنية ، وأهنئ كل من يسعى إلى أن لا يكون هناك عراقا متجزئ . فالأكراد هم أبناء العراق كما هو حال الجميع
https://telegram.me/buratha