الكاتب : عمار احمد
حتى هذه اللحظة لم تبلور اغلب القوى السياسية العراقية موقفا واضحا ومحددا حيال الوضع المستقبلي للوجود الاميركي في العراق. ولايجد المواطن العراقي صعوبة في فهم وادراك طبيعة ومغزى عدم وضوح المواقف حول موضوع حساس وخطير يتعلق بالسيادة الوطنية.ما يفهمه ويدركه المواطن العراقي هو ان المواقف المطروحة عبر وسائل الاعلام هي غير المواقف المطروحة خلف الكواليس وداخل الغرف والصالات المغلقة.لماذا ذلك التناقض والازدواجية وعدم الوضوح؟.. اسباب عديدة وليس سبب واحد، تقف وراء هذه الظاهرة الخطيرة في العمل السياسي بشكل عام، وفي العمل السياسي في اطار الوضع العراقي الراهن على وجه الخصوص.السبب الاول والرئيسي هو غياب الثقة بين اغلب القوى والتيارات والشخصيات السياسية، وعدم تشكيل ارضية مشتركة للحوار والتفاهم والتوافق حتى الان رغم مرور تسعة اعوام على سقوط نظام صدام المقبور والانطلاق لتأسيس نظام ديمقراطي حقيقي.وغياب الثقة هذا لم يعد شيئا سريا ويصعب تشخيصه وتشخيص خلفياته وظروفه، بل انه بات من الوضوح بحيث ان اي مواطن يعرف كيف ستسير الامور بين هذا الطرف وذاك.والسبب الثاني للتناقض والازدواجية والذي لايقل خطورة وحساسية من السبب الاول ، هو ان المصالح الحزبية والفئوية والشخصية الضيقة جدا مازالت تتقدم على مصالح عموم ابناء الشعب، اي على المصالح الوطنية العامة. وان من تتقاطع مصالحه الخاصة مع المصالح العامة يتشبث بالخاصة ولاتعنيه ولاتهمه العامة مهما كانت النتائج والاثار المترتبة.وعلى مدى الاعوام الماضية اظهرت قوى سياسية مشاركة في العملية السياسية انها ليست مؤهلة حتى الان لممارسة العمل السياسي في ظل اجواء ديمقراطية، وغير مؤهلة للمشاركة في ادارة الدولة، لانها لم تغادر عقلية الاستئثار والاقصاء والتشهير والتسقيط لا لشيء الا من اجل تحقيق المكاسب والامتيازات الخاصة.وقائمة القضايا والنقاط الخلافية تطول، فمن الدستور الى قانون مكافحة الارهاب الى قانون الاستثمار الى قانون النفط والغاز الى قانون مجالس المحافظات الى قانون العفو العام الى التقاطعات والاحتقانات الحادة التي تكاد تصل الى اعلام الحرب عند كل انتخابات وما يترتب عليه من نتائج واستحقاقات. وبسبب التشبث والعناد والانانية وقبلها غياب الثقة، فأن القضايا الحيوية التي تهم الناس وتتعلق بحاضرهم ومستقبلهم بقيت اغلبها معلقة وغير محسومة. وكأن السياسيين وقواهم يريدون ان يعاقبوا هذا الشعب الذي صوت لهم ومنحهم ثقته عبر صناديق الاقتراعوالحرص والقلق على مستقبل البلاد وسيادته امر جيد وايجابي عند مناقشة مسألة وجود القوات الامركية ومصير الاتفاقية الامنية والتدقيق وبحث كل التفاصيل لامناص منه، بل هو واجب، ولكن ان تدخل قضية خطيرة مثل الوجود الامريكي في سوق المزايدات السياسية مثلها مثل القضايا الاخرى فهذا الامر الذي لايمكن قبوله من اي انسان شريف ووطني ومخلص.قد يقول قائل ان المؤثرات الخارجية تلقي بظلالها على المواقف الداخلية ، بحكم الارتباطات والتحالفات المختلفة، بين القوى العراقية والاطراف الدولية والاقليمية، وهذا القول صحيح جدا، وهذا الامر هو الاخر خطير، فمن الخيانة العظمى ان يقدم هذا الكيان السياسية مصلحة طرف اقليمي او دولي على مصلحة بلاده ووطنه وشعبه، لانه مستفيد من ذلك الطرف ويستمد قوته ووجوده منه.ان القوة الحقيقية لاي تيار سياسي هي تلك التي يستمدها من ابناء شعبه وقاعده الجماهيرية ووضوح مواقفه ومبدأيتها وسلامتها، ووطنية اي كيان سياسي تتحدد بمدى وضوحه واخلاصه وحرصه وانكاكه بقضايا ومصالح الوطن والمواطن، لا ذاك الذي يقحم كل ذلك في سوق المزايدات ليكسب اقصى ما يستطيع كسبه.
https://telegram.me/buratha