محمد علي الدليمي.
بالرغم من ان مجتمع الجنوب من المجتمعات المتدينة والمعروفة بصبرها وثباتها وقدرتها العالية على التحمل, حيث تجلى ذلك خلال استمرار المواجهة مع النظام القمعي حتى أخر لحظة من سقوطه ,ولكن الألم والبؤس يأخذ مأخذه من الإنسان . فقد كان ليل الظلم طويلا حتى دب اليأس بفرصه للخلاص ومع تحقق هذه الفرصة فأن الأمل بحياة أفضل يكاد يتسرب يوما بعد يوم.إنني لا أريد ان ارفع أهل الجنوب على غيرهم من أبناء العراق,فالعراق, اغلبه قدم من التضحيات وتحمل من الألم الكثير ولكن الفت الانتباه الى ان الجنوب ما زالت حسراته تتقطع في صدره وما زال يعيش الإحباط واليأس من غد سعيد. فاغلب المدن التي كانت موطن الثورات والحركات وشرارة الانتفاضة المباركة وارض الشهداء والمضحين لم تنل حتى تحقيقا تلفزيونيا يعرف بمعاناتها وألمها ولم يصلها إي شيء وما زالت تلوك الألم والأمل ليتجلى في وجوه شيوخها وعجائزها, ويحترق من دخان سيكائرها الكثيف وهكذا عموم الجنوب الذي يرى بان شبابه قد احترق ولم يعد من الأمل في حياة جديدة خصوصا مع الإمراض النفسية والجسدية المتميزة التي تركتها لهم السنوات العجاف..وما هو مؤكد من الوضع ألمعاشي لعموم الشعب العراقي خصوصا الجنوب, فأن الفقر قد ضرب في أعماقه وصار هو الحالة العامة. وإذا كان الحصار على جميع العراقيين ., فأن أثاره كانت في الجنوب ابلغ واشد , ولا يمكن لغير القريب من الحالة ان يتصور حجم المعاناة والألم التي كانت تتحملها العوائل عندما كانت تأتي للبحث عن فرصة لزراعة بعض المحاصيل الشتوية أو الصيفية في مناطق الفرات الأوسط أو الشمال . ولهذه المسألة فصول موجعة من الألم سواء في مجال سوء المعاملة من قبل مالكي الأرض أو من الإجراءات التي كانت تتخذها الأجهزة الأمنية لتلك المناطق بحقهم ,حيث ملاحقة هؤلاء المساكين وفي بعض الأحيان طردهم من المناطق الزراعية قبل جني الحاصل بلحظات.وتصور أحوال الناس وهي تجوب البلاد بحثا عن فرصة لجمع التمر أو حصاد الشلب أو زراعة بعض المحاصيل لا استفاد أنفسهم من سوط الحصا رين الداخلي والخارجي فمن الداخل جفاف الاهوار وتضييق فرص العمل والمطاردة والفقر وكذلك اخذ الرشا والإتاوات المستمرة, ومن الخارج الحصار القاسي الذي كان يمارس ضد العراق كله وهم جزءا منه.ان جحيم الجنوب كبير ولا تكفيه الأسطر والحديث عن معاناة أهلنا في الجنوب ستبقى صرخة استغاثة واسترحام الى كل من لديه إحساس بالإنسانية ان يتدارك الجنوب وأهله ويوليهم الاهتمام الحقيقي الذي يستحقونه , والمهمة الثانية لهذه الأسطر أنها رسالة أمل وتفاؤل الى أهلنا في الجنوب مضمونها , ان الظلم لا يدوم ولابد لليل الطغاة ان ينجلي ويظهر النهار مشرقا...
https://telegram.me/buratha