خضير العواد
لقد خدمت الحكومات العربية الغرب وأسرائيل لعشرات السنين لوقوفهم حائل دون تحقيق أي مطلب من مطالب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية , بل أغدقوا الساحة العربية بالشعارات الفارغة التي يأس منها الفرد العربي واصبحت في خبر كان ولا تستعمل هذه الشعارات اليوم إلا للأستهزاء والضحك , لقد يأست الحكومات العربية نفسها من أكاذيبها وبدأت تلعب على المكشوف بعد أن بان لهم إنهيار الشارع العربي إنهياراً كاملاً , فطرحوا لجرأتهم فكرة التطبيع والمفاوضات طويلة الأمد مع إسرائيل وقد مثلهم في هذه المفاوضات الجانب اللفلسطيني , وبعد ظهور أستهتار الجانب الإسرائيلي بهذه المفاوضات والعرب ورفض كل مايطلبه الجانب الفلسطيني وما يتفق عليه , ظهرت طبقة شبابية عربية رفضت الواقع العربي جملتاً وتفصيلا , فقد وعت هذه الطبقة خطابات الحكومات العربية وشعاراتها المزيفة التي يراد منها تهدأت الشارع العربي فقط وليس هناك مغزا أخر من هذه الشعارات بل يراد منها إبعاد الشباب لعربي عن قضاياه المهمة وفي مقدمتها حياته كمواطن و مستقبله المجهول و فلسطين , وأصبح لهذا الشباب أتباع في كل الدول العربية وأنتشرت شعاراتهم كالنار في الهشيم في الشارع العربي لما يعانيه من أنحطاط وأنهيار , فوجد الشارع العربي ضآلته التي كان يفتش عنها في ركام الأعلام العربي المزيف بعيداً عن كل الحكومات التي خلقها الغرب من أجل الحفاظ على مصالحهم في هؤلاء الشباب الذين رفضوا الواقع العربي وأداروا ظهورهم لحكوماتهم وأتباعها وشعاراتهم المزيفة , فكان مثال هذه الطبقة الواعية الحركات الثورية التي رفضت كل عمليات المساومة مع أسرائيل وطريق المقاومة هو الطريق الوحيد لأسترجاع كل ما أُخذ بالقوة , فكان حزب الله في لبنان وحماس والجهاد وبقية المنظمات الفلسطينية التي تؤمن بالمقاومة هو الحل الوحيد ,وأصبح أتباع هذه الحركات يملؤون الوطن العربي بكل دوله وجمعوا الشعوب العربية بكل طوائفهم وأديانهم حول مائدة المقاومة بعد أن أنصهرت كل عوامل التفرقة كالطائفية والحزبية , وبعد أنتصارات حزب الله أمام أسرائيل شعر الجميع بصاعقة تهبط عليهم , الحكومات العربية شعرت بالفضيحة والضعف وهي تشاهد مجموعة من الشباب العربي وهم يهزمون العدو الذي لا يقهر, الدول الغربية شعرت بالفشل والأحباط وهي التي خلقت حكومات لا يمكن لها أن تتحرك إلا بموافقتهم وموافقة أسرائيل , فماذا تفعل الأن وهي لا تقدر أن توقف هذا الشباب المتعطش لكرامته المهدورة على أيدي حكّامه الخونة , فبدأت فكرة الثورات العربية لكي تطيح برؤوس الأنظمة العربية بواسطة شعوبها التي ذاقت الأمرين من هذه الأنظمة ومن ثم الأطاحة بالمقاومة من خلال تغيركل النظام في سوريا وليس رأس النظام كما يجري في بقية الدول العربية , فبدأت الشرارة من تونس وأشتعلت في مصر واليمن وعمان والسعودية والبحرين وسوريا والأردن وليبيا والمغرب , فقد غيّرت الأنظمة التي تأكلت ووجد لها بديل وشعبها لا يمكن أسكاته إلا بالتغير, فغيّر حسني مبارك في مصر وزين العابدين في تونس والقذافي في ليبيا أي رأس النظام غيّر ولكن أركان النظام باقون يسيطرون على كل مصادر القرار فهذا هو المجلس العسكري ورئيس المخابرات عمر سليمان في مصر وأركان النظام التونسي جميعهم باقون ومسيطرون على كل مراكز القرار وهذا هو المجلس الأنتقالي أركانه جميعهم كانوا وزراء في حكومة القذافي , وبقيت الثورات في الدول العربية لا تأخذ حيز من قبل الأعلام العربي والعالمي لأنها لم تدخل ضمن خطة التغير الغربية أو لعدم وجود البديل كما هو جاري في البحرين والأردن والمغرب واليمن , وقد عاشت كل الشعوب العربية في أحلام وردية لعلها تخرج من واقعها المرير وتلحق بركب الديمقراطية وخلقوا لها ربيعا تتغنى به هذه الشعوب ولكنه في حقيقة الأمر خريفاً لم ينتج عنه إلا سقوط الأوراق المتأكلة الصفراء التي أريد تغيرها من قبل الغرب بأيدي الشعوب العربية الى أوراق أكثر خضاراً وحرصاً على مصالح الغرب , لقد أريد من هذا الربيع أن ينهي المقاومة التي عجزت عن قتلها كل الحكومات العربية والغرب بكل جيوشه وسلاحه فلم يجدوا طريقتاً إلا أن يخلقوا هذا الربيع ليقتلوا به زهرة المقاومة التي نبتت في البلاد العربية .
https://telegram.me/buratha