المقالات

هل نحن بحاجة الى طنطل...؟

686 08:38:00 2011-10-12

مقال للكاتب والإعلامي قاسم العجرش

أنا من جيل خوفوه من كل شيء، ولقد كانت حياتنا مستقيمة جدا بالخوف من أشياء كثيرة، من "الطناطل" و"الكَرطة" والغرباء والأجانب.. خوفونا من أحلامنا وأمنياتنا.. خوفونا من كائنات سرية أسموها "الطناطل" التي قالوا لنا أنها منتشرة في كل مكان خارج قريتنا الجنوبية.. فكل مكان خارج القرية كان يحكمه طنطل له اسم معلوم.. كانت أسماء غريبة لا أعرف لغاية اليوم معناها، حتروش وكاووش، كانا طنطلين قرب مضخة الماء (الرستن إج آر) التي كانت ملكا للشيخ!!..وفرقص وماهوش كانا طنطلين في "ذنايب" نهر السركال عمران..وفي غرب القرية طناطل أخرى لأناس من الرجال والنساء ماتوا قتلى في حوادث.. وكنا نسمع قصصا تجعلنا نموت في جلدنا.. وخوفونا من أي غريب يدخل القرية حتى إذا كان عابر سبيل.. كانوا يقولون إن الغرباء عيون تريد أن تخترق العشيرة وتكشف أسرارها...ولم أكتشف ماهي أسرار العشيرة التي كان "الكبار" يحرصون عليها، إلا بعد أن صار عمري ستين عاما، فقد عرفت أن سر وجود العشيرة وقوتها في إجتماعها كل ليلة في مضيف الشيخ على قهوة مازالت رائحتها في أنفي نافذة!!..وكانوا أيضا يقولون لنا أن الغرباء لصوص يسرقون الأطفال..ومنذ كنت صغيرا عرفت معنى محددا للأجنبي، فزوج عمتي كان أجنبيا، لأنه فقط من عشيرة أخرى تبعد مساكنها عن مساكن عشيرتنا كيلو متر واحد فقط!! وخوفونا من حيوانات خرافية تهاجم "الأطفال اللي مو مؤدبين" والذين لا يسمعون كلام الكبار.. كان إسم هذه الحيوان "الكَرطة"..وهكذا تعلمنا أن نسمع الكلام حتى إذا كان كلاما فارغا.. تعلمنا أن نسمع فقط حتى لا تهاجمنا المخلوقات الخرافية.. وتعلمنا ألا نشكو من يضربنا لأنه دائماً أكبر منا ومن العيب أن نشكو الأكبر منا.. وحتى عندما كبرنا وأنتقلنا الى المدينة كنا نقبل أن يضربنا المدرس حتى يدمينا!.. مرة ضربني المدرس بلا وجه حق، وأخبرت عمي الذي كان كبير أسرتنا بالأمر شاكيا، فما كان منه إلا أن أخذني مقتادا من يدي إلى المدرسة وأكمل ضربي أمام المدرس وهو يقول له: "انت يا أستاذ لك اللحم ولي العظم، خذه أنت تجرح وأنا أداوي.. وحتى العظم انت تكسره وأنا أجبره"...أنا من جيل أولئك الذين حفظوا عن ظهر قلب المثلين العاميين الشهيرين: "أكبر منك بيوم أعرف منك بسنة".."واللي ماله كبير يشتري له كبير".. وعندما أصبحنا كبارا مازلنا نبحث عن كبير لنشتريه، ومازلنا نبحث عن الأكبر منا بيوم الذي يعرف أكثر منا بسنة.. وعندما كبرنا مازلنا مصممين على اللف في الأسواق لنشتري لنا كبيرا.. كلام قبل السلام: هل نشتري "طنطلا" كبيرا نخاف منه حتى تستقيم حياتنا؟!!سلام.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك