حامد الحامدي كاتب وإعلامي عراقي
بعد قيام الدولة العراقية الجديدة عقب سقوط النظام البائد في نيسان 2003 ، وتشكيل حكومة عراقية منتخبة ربما لأول مرة في تاريخ العراق ، تنفس العراقيون الصعداء بأن عهدا جديدا سوف يكون بانتظارهم وحياة أخرى مليئة بتقسيم الحقوق وتطبيق مبدأ العدالة بين مختلف أبناء الشعب العراقي .وكان هناك تفاؤل على إن الجميع سوف يكون له مكان في الدولة الجديدة ، ولكن ما حدث بعد ذلك فاق التصورات والآمال ، إذ لا يوجد مكان في العراق الان إلا للمنتفعين والمتحزبين والمتزلفين أما الشريحة الأكبر من أبناء العراق فقد تم نسيانهم وأضحى التعامل معهم على أساس بعيد عن الحقوق الوطنية.وللأسف فلازالت الواسطات والمحسوبيات والتأثيرات من قبل الجهات الرسمية او النفعية موجودة وبشكل كبير جدا حيث لا يتعجب الفرد إذا سمع او شاهد بأن هناك من وضع في منصب معين او أعطي صلاحيات او ترأس مؤسسة او حتى تم اختياره ليمثل العراق في محفل معين او أي نوع من أنواع التسهيلات المصلحية ـ لا يتعجب ـ من هذه الأمور أن تحدث كثيرا في العراق الجديد وعلى حساب أبناء العراق لان الصفقات الخفية لها الدور الكبير في تغيير مجريات الأمور . وهذا الأمر يحدث في كل مؤسسات ووزارات الحكومة العراقية ، ولكن ما حدث في وزارة التعليم العالي ربما فاق التصورات إذ إن الكثير من الشباب كان ينتظر فرصته في إكمال دراسته العليا ليخدم بلده ويطور إمكانياته العلمية وإذا به يتفاجئ من ازدحام الشروط والمواصفات التي لابد أن تتوفر في طالب الدراسات وإذا بها تتحول إلى معوقات تحول بينه وبين ما يطمح أن يحققه . وكأن لسان حاله يقول ( ما الفرق بين ما كان يحدث في زمن النظام وما يحدث الان ) .ولكن كل تلك الضوابط والاختبارات والشروط تسقط وتتلاشى أمام الصفقات والمحسوبيات والضغوطات بل ويحصل من يستخدم تلك الطرق على استثناءات خاصة ، الأمر الذي يجعل الطلبة المقدمين على الدراسات العليا الباقين مصداقا للمثل العراقي ( مثل السمكة المزوهرة ) أي السمكة التي تموت بالسم ؟؟ وهذا ما حدث فعلا عند استثناء النائب عباس البياتي من كافة الضوابط والشروط للتقديم في الدراسات العليا رغم فشله بالامتحان . فقد أكدت وثيقة رسمية نشرتها جامعة بغداد قيام وزارة التعليم العالي بقبول النائب عباس البياتي بائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي، في الدراسات العليا بجامعة بغداد بالرغم من عدم توفر الشروط المطلوبة فيه، فضلا عن فشله في الامتحان الذي تم إجراؤه لهذا الغرض، فيما لم يتم منح نائبة في القائمة العراقية الحق ذاته من قبل الوزارة بعد أن فشلت في الامتحان أيضا في نفس الكلية. وأكدت نتائج الامتحانات الخاصة بالدراسات العليا، التي نشرتها جامعة بغداد على موقعها الالكتروني، قبول النائب عباس حسن موسى عباس البياتي على قناة القبول العام "استثناء من كافة الضوابط"، المعمول بها لقبول طلبة دراسة الماجستير في العلوم السياسية، وذلك كونه "حجز مقعدا حسب كتاب الوزارة المرقم ب ت 5/ 8734 في 19/9/2011". قد يسال سائل وزارة التعليم العالي وعلى رأسها السيد الوزير المحترم ، وهذا من حق الجميع .. ما هو الفرق فيما قمتم به بين ما كان يفعله النظام البائد مع أعضاء حزبه ومتزلفيه وبين ما تقومون به الان ؟؟؟ ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ).
https://telegram.me/buratha