احمد عبد الرحمن
في مثل يوم امس الاول قبل ستة اعوام، خرج ملايين العراقيين منذ ساعات الصباح الاولى من بيوتهم متوجهين الى مراكز الاقتراع للتصويت على مشروع الدستور الدائم، الذي ساهم بصياغته وكتابته سياسيون وخبراء ومتخصصون يمثلون كل مكونات المجتمع العراقي.غالبية ابناء الشعب العراقي صوتوا قبل ستة اعوام بـ(نعم) لصالح مشروع الدستور، وكانت تلك رسالة بليغة ومعبرة وعميقة في دلالاتها ومعانيها عن توق ولهفة العراقيين لطوي صفحة الدكتاتورية والاستبداد، وفتح صفحة جديدة مختلفة عن سابقتها، ووضع اسس ومرتكزات سليمة وقوية ورصينة للعراق الجديد، والدستور هو المحور وقطب الرحى.كان خروج العراقيين قبل ستة اعوام والتصويت لصالح الدستور قد مثل تحديا كبيرا اثبت شجاعة واقدام وارادة هذا الشعب، في خضم ظروف واوضاع امنية وسياسية خطيرة وحساسة للغاية.لم يكن ذلك الخروج بمثابة نزهة للترويح عن النفس واستنشاق الهواء العليل، بقدر ماكان اشبه بمن تأبط سلاحه وذهب الى ميدان المعركة. ولم تخلو ملحمة التصويت على الدستور من تضحيات جليلة وكبيرة بالدماء والارواح.ولم يكن الدستور في جوهره ومضمونه مثاليا، فقد ولد في ظل ظروف صعبة ومعقدة جدا، ومنذ البداية كان واضحا انه يحتاج الى مراجعات عديدة واعادة نظر في بعض مواده، وهذا ما اتفقت عليه معظم الكتل والقوى السياسية. وما تشكيل لجنة متخصصة بتعديل الدستور انبثقت من مجلس النواب في دورته السابقة الا دليل على وجود الحاجة الملحة لاجراء تعديلات عليه.ان وجود ثغرات وهفوات ومكان ضعف لاتلغي قيمة الانجاز والمكسب الذي تحقق من خلال اقرار الدستور، اذ ان وضع اللبنات الاساسية والرئيسية للنظام الديمقراطي امر لابد منه من اجل الانطلاق والتقدم الى الامام، مع استمرار عمليات الاصلاح والتعديل والتغيير المطلوب، في اطار الدستور ذاته وتحت سقفه.ولعل المؤشر المهم على اهمية الدستور هو ان القوى التي وقفت بوجهه في السابق تحتكم اليه اليوم وتعتبره مرجعا لها وتدعو الاخرين الى الاحتكام اليه، وترفض القفز عليه او تجاوزه.واليوم فأن كل خطوة تتخذ في اطار الدستور ووفق ضوابطه من شأنها تقوية وتعزيز النظام الديمقراطي التعددي في البلاد، وكل تحرك يتقاطع مع الدستور ويصطدم به، لايفضي الى الا اضعاف النظام وتعريضه للخطر، وبالتالي فأن ذلك الخطر ينسحب على الجميع. وهذا ما لايمكن قبوله.
https://telegram.me/buratha