الكاتب ..عمران الواسطي
ليس كل من يعمل في مجال السياسة في هذا الوقت يمكن أن نطلق عليه اسم ( السياسي ) . فالسياسة كما هو معلوم لها أساسيات وأيدلوجيات يحتم على من يخوض في غمارها أن يكون مطلعا على مكامنها ومخابئها الكثيرة التي ربما في لحظة من اللحظات يمكنه أن يقلب الموازين لصالحه . وكل ذلك بفضل السياسة . كما إن الذي يعمل في السياسة لابد أن يكون حاصلا على الإمكانيات العلمية والشخصية العالية التي تؤهله للعمل في هذا المجال ، ولا اقصد بالإمكانيات هنا الشهادة الجامعية الأكاديمية فقط ، بل إن الشخصية القوية والإلمام بالأمور ومتابعة الأحداث ومعرفة ما يدور في المشهد السياسي والتصدي لهذا العمل بقوة هو من أهم الإمكانيات التي يجب أن تتوفر لدى السياسي الناجح بالاضافة إلى عنصر الذكاء والمباغتة التي هي ربما من أهم عناصر النجاح لدى السياسي . وألان في العراق والحمد لله فلدينا من السياسيين ما يمكنهم من أن يعالجوا الأمور بالتعقل والتروي بعيدا عن الاندفاع والتجاوز والتشنجات التي لا تنتهي إلا بزيادة حجم الأزمات ؟؟ ، بل إن مسيرتهم السياسية أثبتت بأنهم أهل لان يتصدوا لمثل هذا الموضوع .فهم على معرفة تامة بكل ما يدور في المشهد السياسي والشارع العراقي وما يحيطه ويمكن أن يؤثر عليه. فهم يتعاملون مع الأمور على أساس علمي ومنهجي وواقعي . ومن هؤلاء السياسيين العراقيين الذين اثبتوا أنهم قادرين على أن يخوضوا بهذا المضمار بكل ثقة هو سماحة الشيخ جلال الدين الصغير الذي ومن خلال حركته الدؤوبة الجدية في سبيل توضيح الحقائق للمواطن العراقي ، وفضح بعض السياسات الخاطئة بات يشكل محورا كبيرا يمكن الاستعانة به في الأمور السياسية . فلطالما كان صوتا للمواطن العراقي في مجلس النواب ودافع بكل قوة عن حقوق المواطن وكانت سياسته التي يتبعها ذات رؤى ومبادئ ثابتة وتستند إلى ارض صلبة . يقول سماحته في خطبة الجمعة في مسجد براثا عن السياسة وأساسياتها (وفي قضية السياسة فأني أعود وأذكر بمبدأ ذكرته هنا عشرات المرات وهو أن في السياسة لا يوجد ما أحبه وما لا أحبه ، فهناك استحقاقات موجودة لإنسان أحبه أو أبغضه ولكن لهذا الإنسان إستحقاقه مادامت الأنتخابات قد أعطته صوتا وقدرة ، فيجب أن أتلائم وأتكيف معه وأن أعمل معه ، فالسياسة ليست التعامل مع الأصدقاء ، فالأصدقاء هم أصدقاء ولا حاجة للسياسة معهم ، ولكن السياسة الحقيقية هي كيفية موائمة حركة الأضداد بالشكل الذي يخدم الناس . فلدينا صراع يكاد أن لا ينتهي وبالرغم من محاولة البعض الرقي بهذا الصراع إلى صراع مبادئ وصراع استحقاقات لهذه الطائفة أو تلك فدعوني أقول أن كل ذلك هراء ، وكذب . فهؤلاء يتصارعون على مصالحهم الخاصة . وأقول بأن من قال أنه يريد أن يحصل على حصة المكون الفلاني فقد حصل عليها ولكنه لم يعطها لأصحاب هذا المكون . ومن قال بأنه يريد أن يحصل على حصة الشيعة أو حصة السنة أو حصة غيرهم فقد حصل عليها ، ولكن هل أعطى للشيعة حصتهم وهل أعطى للسنة حصتهم وهل أعطى للتركمان حصتهم ؟ . لو كانوا قد أعطوا لما بقي هذا الحرمان في المحافظات وتحولت المكاسب التي أخذت باسم هذا المكون أو ذاك إلى إقطاعيات خاصة يعملون بها ما يريدون . أنا لا أدري إلى متى يبقى أهل السياسة يقنعون بما يوجد اليوم ولا يفكرون بطبيعة ما يجب أن يوجدوه ، ولا أدرى إلى متى صاحب السياسة يفكر بأنه معني بغرفته فقط من دون أن ينظر إلى بقية الدار وماذا يجب عليه أن يؤسس له ؟؟ ، وعلى أي حال فإن المشتكى إلى الله تعالى . وأنا لا أنصح الأخوة السياسيين أكثر مما نصحت من وجوب تجسير العلاقة بينهم ) . فليس كل من جلس تحت قبة البرلمان هو بالضرورة سياسي وليس كل من تخرج من كلية العلوم السياسية هو قادر على مجاراة السباق السياسي ، بل إن السياسة تعني انك تستطيع أن تتعامل مع الجميع بدون أن تخسر احد .
https://telegram.me/buratha