فضائل العترة الطاهرة (ع) (الحلقة السادسة )
اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
عزيزي القارئ اليك فضائل العترة الطاهرة (ع) في حلقات من تاليف الدكتور الشيخ عباس الأنصاري واعداد الشيخ حيدر الربيعاوي واتواصل معكم لنشر مفاهيم اهل البيت مع المنبر الحر من( وكالة براثا وموقع رسالتنا اون لاين) ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرفمع تحيات الشيخ حيدر الربيعاوي
فضيلة انوار الصراط============
معاني الصراط:لغةً: الطريقُ المُستقيمُ .قال تعالى: (وأنْ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) .ويقالُ له: سِراطاً: وهو الطريقُ المُستَسهَلُ .روي العلامة المجلسي (قدس سره) عن تفسير الإمام (عليه السلام): «الصراط المستقيم صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة. فأمّا الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شيء مِنَ البال، وأمّا الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم، لايعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة) .وعليه تكون نتيجة السير على الصراط المستقيم في الآخرة هي إتباع وسلوك الصراط المسقيم في الدنيا; وهو الحق عند الله (جلّ وعلا)، بل هو صراط الله، كما قال تعالى: (وأنّ هذا صراطي مُستقيماً فاتّبعُوُه) .فمَنْ اجتازه في الآخرة، فهو المؤمن في الحياة الدنيا; والذي فاز بولاية أهل البيت (عليهم السلام)، وكل بحسب مرتبته مِنَ الهداية التي نالها في الدنيا يمضي إلى الجنة لتكون مستقره الخالد، كما ورد هذا المعنى في كلمات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «الناس يمرون على الصراط طبقات، والصراط أدق مِنَ الشعر ومِنْ حد السيف، فمنهم مَنْ يمر مثل البرق ومنهم مَنْ يمر مثل عدو الفرس ومنهم مَنْ يمر حبواً ومنهم مَنْ يمر مشياً ومنهم مَنْ يمر متعلقاً قد تأخذ النار منه شيئاً وتترك شيئاً» .ومن لم يكن كذلك ـ من المهتدين على صراط المستقيم في الدنيا ـ ولايستطيع اجتيازه بأيّ شكل مِنَ الأشكال فيهوي إلى النار لتكون مأواه الابدي، كما قال تعالى: (وإن الذين لايؤمنون بالاخرة عن الصراط لناكبون) .ويدل عليه ما أخرجه القندوزي بسنده، عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في بيان معنى هذه الآية، إنّه قال: «عن ولايتنا اهل البيت» .وفي الاصطلاح: إسم حجج الله، فمَنْ عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازاً على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة .روى الشيخ المحدّث الثقة الصدوق (قدس سره) مسنداً إلى أبي عبدالله الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أثبتكم قدماً على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي» .
أنوار الصراط في القرآن الكريم والسنة المطهرةقال تعالى: (الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دريِّ يوقد من شجرة مباركة لاشرقية ولاغربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسه نارٌ نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء...) .روي الشيخ الطبرسي (قدس سره) في تفسيره (مجمع البيان) عند تفسير هذه الاية المباركة عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «نحن المشكاة فيها والمصباح محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)يهدي الله لولايتنا من احب(صلى الله عليه وآله وسلم) .وفي رواية أُخرى عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوله: (الله نور السموات) إنه قال: ياعلي! النور اسمي والمشكاة أنت ياعلي! مصباح المصباح الحسن والحسين الزجاجة علي بن الحسين، كانها كوكب دري محمد بن علي، يوقد من شجرة جعفر بن محمد، مباركة موسى بن جعفر، زيتونة علي بن موسى، لاشرقية محمد بن علي ولاغربية علي بن محمد يكاد زيتها الحسن بن علي يضي القائم المهدي .كان أهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام) انواراً محدقين حول العرش الاقدس للحق (تبارك وتعالى)، كما صرحوا (عليهم السلام) بهذه الحقيقة الإلهيّة، قال الإمام الصادق(عليه السلام): «كنا انواراً حول العرش نسبّح الله ونقدسه» وهذا النور استمدوه (عليهم السلام)مِنْ نور الذات الإلهيّة المقدسة، لأنّهم خُلقوا مِنْ نوره (جلّ وعلا)، بل هم النور الاول الذي خلقه الخالق الحكيم (عزّ وجلّ) ليضيء به السموات والارض، كما قال النبي الاعظم(صلى الله عليه وآله وسلم): «أول ما خلق الله نوري».نعم!، كان ذلك في عالم العرش والملكوت الأعلى، ولكن شاءت الحكمة الالهية أن يتنزلوا (عليهم السلام)مِنْ ذلك العالم إلى عالم الدنيا فيختم الانبياء بوجود نبينا المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)وتختم الرسالات برسالته الخالدة ويستخلفه ائمة اهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام) بأمر مِنَ الباري (جلّ وعلا)، لتستمر هداية العالمين إلى صراط المستقيم (وعلى الله قصد السبيل) تحنناً منه ورحمةً على عباده الذين أختاروا طريق الهداية والصراط القويم دون الضلال، كما روى العلامة السيّد هاشم البحراني بسنده عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام):«نحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدى» .إذن هم السراج الوهاج والنور الساطع الذي يتلألأ في سماء العالمين بعد إنشائها، كما قال تعالى:(وبنينا فوقكم سبعاً شداداً * وجعلنا سراجاً وهاجاً) يهدي إلى الصراط القويم، بل للتي هي أقوم; والذي يسلكه ويمشي به المؤمنين بعد الإيمان بالله ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)للتدرج في مراتب الكمال بنص القرآن الكريم وصراحة السنة المطهرة.قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم) .وقد روي في شواهد التنزيل عن تفسير فرات الكوفي بسنده عن أبن عباس في قول الله تعالى: (يؤتكم كفلين من رحمته).قال: الحسن والحسين.(ويجعل لكم نوراً تمشون به).قال: علي بن ابي طالب .
ولاية آل محمّد (عليهم السلام) صراط اللهإنّ بوابة نور الصراط هي ولاية امير المؤمنين (عليه السلام)، بل هي الصراط والأئمّة مِنْ بعده أنواراً لذلك الصراط، فهم الذين مِنْ إهتدى بهم لَزِم الصراط المستقيم في الدنيا وسلك طريق الكمال إلى الله تعالى. ويكون قد أمن مِنْ أهوال الآخرة والإرتجاف أو الحبو على الصراط، بل السقوط فيما تحته فيمضي عليه مثل عَدوِ الفرس، ومَنْ هو كذلك في اليوم الاخر فِقد نجا ودَخل الجنة آمنا ببركة انوارهم المضيئة في الآخرة على صراط الهدى والرحمة، وسعد بولايتهم، بل حَشُرَ معهم في النعيم الخالد.ويعضد هذا الكلام ما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَدعُوهُم إلى صراط المستقيم) ، وقد فسرتهُ السنة المطهرة بماورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)أنّه قال:«الصراط ولايتنا أهل البيت».فَمنْ آمن بولاية أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) وتولاهم وتبرئ مِنْ أعدائهم فقد فاز بالتمسك بصراط الله; وذلك هو الحق المبين، لان ولاية آل محمد صراط الله الذي يهدي اليه تعالى مَنْ آمن بالله واليوم الآخر بشهادة القرآن الكريم (وإنَّ الله لهادِ الذينَ آمنوا إلى صراط المستقيم) وفسَرتهُ السنة الشريفة بما أشرنا إليه.فمنه مارواه الحافظ الحسكاني في الشواهد، قال: حدثني علي بن موسى بن اسحاق (باسناده المذكور) عن ابي جعفر (عليه السلام) انه قال ]في تفسير هذه الاية المتقدمة[:«آل محمّد الصراط الذي دل الله عليه» .
الإمام (عليه السلام)نور الحق المبين:قال تعالى:(فآمنوا بالله ورسُولهِ والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبيرٌ) روي في ينابيع المودة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) في تفسير (النور) في قوله تعالى:(فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا).قال: النور هو الامام .فكما أنّ القرآن الكريم نور لما فيه مِنَ الأدلة والبراهين والحجج الموصلة إلى الحق الذي يهتدى به إلى الصراط المستقيم، كذلك يجب أن يكون المبلغ والحافظ له ـ وهو الإمام (عليه السلام)ـ مِنْ بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم); والذي نصب لذلك الأمر مَنْ بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل النور المطلق (تبارك وتعالى) لذلك كان قوله تعالى:(النور الذي انزلنا).كما ورد في كتاب اهل البيت في القرآن نقلاً عن القيسي في كتابه ماذا في التاريخ، قال:وروي الحافظ الطبرسي ابو جعفر محمد بن جرير في كتابه (الولاية) بسنده عن زيد بن ارقم، قال: لمّا نزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بغديرخم بعد رجوعه مِنْ حجة الوداع ـ وكان في وقت الضحى والحر شديد ـ أمر بالدوحات فعمت ونادى الصلاة جامعة، فاجتمعنا، فخطب خطبة بالغه..، وسرد الخطبة إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم):معاشر الناس، آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا.ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم):النور من الله فيَّ، ثمّ في علي، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي .اذاً كان الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) نور من الله و(الله نور السموات والارض..) .ومِنْ ثمَّ جعل الله (تبارك وتعالى) هذا النور في عليّ (عليه السلام) من بعد رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)وفي الأئمّة الاطهار من بعد امير المؤمنين (عليه السلام). فعليه يكون نور الله المبين لطريق الهداية مستمراً في ولاية أهل البيت، بل هم المرآة الكمالية العاكسة لنور الحق تعالى في الدنيا والاخرة.
* خاتمة الكلام:قال تعالى: (يوم لايُخزى النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين ايديهم) .روي العلامة السيّد هاشم البحراني (قدس سره) عن ابي شهرآشوب من تفسير مقاتل، عن عطاء، عن ابن عباس (في قوله تعالى):(يوم لايخزي الله النبي) لايعذب الله محمداً.(والذين آمنوا معه) لايعذب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفراً.(نورهم يسعى) يضيء على الصراط بعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم:(بين ايديهم) ويسعى.(عن ايمانهم) وهم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمد أوّل الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثمّ يمضى قوم مثل عَدوِ الفرس، ثمّ قوم مثل شد الرِجل، ثمّ قوم مثل الحبو، ثمّ قوم مثل الزحف، ويجعله الله على المؤمنين عريضاً، وعلى المذنبين دقيقاً، قال الله تعالى:(يقولون ربنا اتم لنا نورنا) حتّى نجتاز به على الصراط.قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج مِنَ الزمرد الأخضر، ومعه فاطمة على نجيب مِنَ الياقوت الأحمر، وحولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع .
اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
https://telegram.me/buratha