سعد البصري
لا احد ينكر إن مؤسسات الدولة العراقية كثيرة جدا وذات استراتيجيات مختلفة ، ولها ضوابط وممارسات قد تختلف فيما بينها .فهناك المؤسسة الأمنية بكل تفرعاتها التي تختلف في أيدلوجيتها ونظامها عن المؤسسة الاقتصادية بكل تفرعاتها أيضا ، وكلا المؤسستين يختلفان تماما مع المؤسسة التربوية في العراق في اغلب الجوانب ، ولكن ما يربط هذه المؤسسات مع بعضها هو وجود قواسم مشتركة مهمة تجعلها تسير وفق نظام الدولة العراقية . فما يلاحظ الان في المشهد السياسي العراقي إن المؤسسة السياسية العراقية قد طغت على باقي المؤسسات في العراق وباتت الهم الأكبر وربما الوحيد الذي يتعامل معه العراقيون ، وخصوصا السياسيين منهم ، وبذلك يكونون قد ابتعدوا كثيرا عن بعض الملفات المهمة التي تخص العراق وبنيته التحتية وحياة مواطنيه . واقصد هنا ملف المياه الذي لازال يعاني من المشاكل مع الدول التي يمر بها نهري دجلة والفرات باعتبارهما المصدر الرئيس في تغطية ما يحتاجه العراق بالماء . فالمشاكل في هذا الملف قد تصل إلى حالة نندم عليها في المستقبل ، ويصبح من الصعب علينا حينها أن نجد الحلول . فمنظومة الري في العراق تعتمد بشكل أساس على مياه نهري دجلة والفرات وما يصب فيهما من روافد داخل الأراضي العراقية، إذ أن 68% من إيرادات حوض نهر دجلة و97% من إيراد نهر الفرات ترد من تركيا و سوريا وإيران، لكن المشاريع الإروائية التي أقامتها هذه الدول قللت من حجم الإيرادات المائية. وتقول الإحصاءات إن منسوب المياه في نهر دجلة حاليًّا يعد الأدنى منذ أكثر من 75 عاماً كاملة .وهناك من يشير إلى إن الحرب القادمة هي حرب مياه ، والعراق مهدد بالجفاف فيما لو قامت دول الجوار بحجب المياه عنه على غرار ما تفعل تركيا وإيران بين الحين والآخر، في ظل غياب النظرة المستقبلية والتخطيط السليم لضمان عدم تعرض العراق لأزمة مائية مستقبلا . ويرى مراقبون أن أزمة المياه التي تجتاح الدول المجاورة للعراق تشير بشكل واضح إلى ضرورة تحرك بغداد نحو إيجاد حلول تنهي الإسراف الكبير الحاصل في استعمال المياه من خلال تحديث منظومة الري في البلاد، والتي مضى على إنشائها عشرات السنين . وكانت تركيا قد انشأت 14 سداً على نهر الفرات وروافده داخل أراضيها، وثمانية سدود على نهر دجلة وروافده، كما ستحتاج إلى سنوات عدة لملء البحيرات الاصطناعية خلف هذه السدود، في حين أنشأت سوريا خمسة سدود ثلاثة منها شيدت في منتصف الستينيات، في وقت حولت إيران مسارات معظم روافد نهر دجلة التي تنبع منها والتي تناهز الـ30 رافداً، إضافة إلى بناء سدود عدة منها خمسة سدود إلى نهر الكارون ، فما أريد أن أصل إليه هو ضرورة أن تهتم الحكومة العراقية بالمنظومة المائية للعراق ومؤسساتها ، لان ما يحدث الان ينبأ بكارثة كبيرة تهدد الحياة في العراق.لذا فمن الواجب على الجميع وعلى رأسهم الحكومة العراقية أن تبدأ بإعادة ترتيب أوراقها بالشكل الذي يضمن فيه العراق أن يحصل على حصته الكاملة من المياه .
https://telegram.me/buratha