خضير العواد
لقد كان الاستعمار منذ أن بدأ الله الخلق هو أرسال الجيوش والقوات من أجل السيطرة على البلدان وشعوبها وثرواتها وتصبح هذه البلاد تابعة للدولة الغازية والمسيطرة بما تحتويه تلك البلاد من ثروات بشرية ومادية , وأستمر هذا النوع من السيطرة ونهب الخيرات الى بدايات القرن الماضي , عندما أنتشرت وسائل جديدة من طرق نقل الثقافات كالجرائد والمذياع ومن ثم التلفاز , ومن خلال هذه الوسائل أنتشرت الأفكار الثورية المنادية بتحرير الشعوب فكانت هذه الأفكار كالفيضان الذي يكتسح السهول الواسعة فأنه يغمرها خلال دقائق معدودة , وهكذا كانت هذه الافكار السياسية إن كانت شيوعية أو قومية أو قطرية أو أسلامية فولدت الأحزاب السياسية بشقّيها العلمانية والأسلامية , ووعت الشعوب العربية للمؤامرات التي تحاك حولها ومدى تبعية حكوماتها للغرب المستعمر , فأنتشرت الحركات الثورية في أغلب الدول العربية من المحيط الى الخليج وكادت الجماهير في بعض الدول أن تصل الى السلطة , ولكن المعرفة الدقيقة للغرب بالوضع الداخلي العربي وتصميم الشعوب على تغير واقعها الفاسد الى أخرأكثر صلاحاً ومحافظاً على مصالحها الوطنية والقومية , جعل الغرب يغيّر إستراتيجيته في السيطرة المباشرة على الشعوب فقام بسحب الغطاء من أغلب الملوك العرب وأعطى الضوء الاخضر الى قيادات الجيش من أجل تغير الممالك الى جمهوريات من خلال الأنقلابات العسكرية وبالفعل بدأت ساعة الصفر للمرحلة الجديدة من طرق الأستعمار للسيطرة على الشعوب وكانت شرارتها من مصر العربية بقيادة جمال عبد الناصر وتبعه بقيت القادة العسكر في الدول العربية عدا بعض الممالك الذين باعوا كل شئ للغرب وقد وقعّوا على البياض بالإضافة الى عدم تحرك شعوب هذه الممالك من أجل التغير لهذا السبب بقيت هذه الدول تعيش تحت ظل الملوكية كدول الخليج والاردن والمغرب , أما الدول العربية الأخرى فعاشت تغير المملكات الى جمهوريات بواسطة الأنقلابات العسكرية وظلت شعوب هذه الدول ولغاية رياح التغير الجديدة في عام 2011 تحت سيطرت مجلس قيادة الثورة والقائد الأوحد وبطل التحرير وغيرها من الألقاب التي أطلقت على زعماء الأنقلابات , الذين أغرقوا الساحة العربية بشعاراتهم النارية التي أريد منها تلهيت الشعوب وخداعها كتحرير فلسطين واجب وطني وسوف نغرق اسرائيل بالبحر ونفط العرب للعرب والوحدة والحرية والديمقراطية وحكم الشعب للشعب وغيرها من الشعارات التي تقيئها الفرد العربي بعدما عاش وشاهد وسمع كل ماهو مناقض لهذه الشعارات , فلم ينتشر في وطننا العربي إلا السجون والظلم ولجم الحريات وبناء الأنظمة الدكتاتورية والتي لم تجتمع يوماً إلا لضرب المصلحة العليا للشعوب العربية وقد حمّوا أسرائيل ودافعوا عنها في المحافل الدولية من خلال تهاونهم بقضاياهم العادلة , وعملوا الحصار على شعب فلسطين العربية ومنعوا عنه حتى الغذاء بل أغرقوا خنادقهم التي يعبّرون من خلالها طعامهم بالمياه وأخنقوا الشباب العربي وقتلوه لأنهم طلبوا لقمت العيش بالخفاء , فلم يتركوا هؤلاء القادة أي عمل يضر بالمصلحة العربية إلا وفعلوه , فسئمت منهم الشعوب العربية وسئموا من أنفسهم بعد أن أصبحت كل خططهم وشعاراتهم منتهيت المفعول , فبدؤا اللعب على المكشوف ورفعوا شعار التطبيع مع الجارة أسرائيل ونبذ كل تنظيم يريد الثورية تحت مسمى التشدد والأرهاب , فأرتفع بُغض الأنظمة عند الشعوب العربية حتى وصل الى درجات عالية كادت تتفجر الشوارع العربية بالثورات الحقيقية التي تريد تغير واقعها المرير الى أفضل حال , ولكن الدول الغربية بسبب إطلاعها العميق بالشعوب العربية , فقامت بتسهيل سقوط الأنظمة الدكتاتورية من خلال تحريك الشباب العربي الذي لا يملك إلا الكره لحكوماته الظالمة بالفضائيات والفيس بوك ويو تيوب وتويتر وغيرها من الوسائل الحديثة التي جعلها الغرب عوامل مهمة لتسهيل عمليات التغيرات الجديدة , وأستعمل الغرب طريقة جديدة للسيطرة على الثروات العربية بعد ما توسع أفق المواطن العربي المنادي بالحريات وحقوق الأنسان وتطبيق القانون , فأستعمل طريقةً أكثر حضارية وقانونية من الطريقتين السابقتين للسيطرة وهما السيطرة بالجيوش والانقلابات العسكرية فأستعمل قرارات الأمم المتحدة تحت عنوان حماية الشعوب من حكوماتها بسبب أستعمال القوة المفرطة وهم الذين حموا هذه الحكومات والدكتاتوريات لعشرات السنين وهم الذين بنوا السجون المظلمة وجهزوا هذه الانظمة بوسائل التعذيب القاسية وباعوا لهم كل الأسلحة القاتلة وملؤا ملفات المخابرات العربية بمعلومات التجسس عن المعارضة الهاربة , ولكن بسبب حتميّت زوال هذه الحكومات المنتهية صلاحيتها تغيّرت طريقة التغير وأصبحت قانونية من أجل أنقاذ الشعوب العربية تحت غطاء الأمم المتحدة والجامعة العربية , فغُيّرت الرؤوس وبقى جسد الأنظمة يحكم محافظاً على مصالح الغرب , وبهذا تنطوي صفحة جديدة من طرق الأستعمار والسيطرة على الشعوب لتبدأ صفحة جديدة تحت ما يسمى النظام العالمي الجديد الذي يغيّر الحكومات من قاعات الأمم المتحدة بعد أن توحد العالم الغربي جميعه ضد دول العالم الثالث , ولكن هل سيكتب النجاح لهذه الطريقة من السيطرة على الشعوب أم يقظة الشعوب ودفاعها المستميت من أجل القضاء على كل العبودية والحرمان سيفّشلون مخططات الغرب الجديدة ليعيشوا حياة حرة كريمة وسعيدة .
https://telegram.me/buratha