المقالات

علم بلا إصلاح كشجر بلا ثمر

897 17:32:00 2011-10-18

حسن الهاشمي

قال تعالى: وقل ربي زدني علما، يحترم الإسلام أمرين هما: العلم والعمل، ويرفض أمرين هما: البطالة والجهل، فبالأول نستطيع أن نسير في الطريق السوي والمضيء بحكمة وروية وبصيرة كيما نصل إلى المبتغى والغاية والهدف بأقل الخسائر وأقصر الطرق، وبالثاني نبقى نراوح مكاننا إذا ما انتكسنا إلى الوراء بخطوات وخطوات، ونظل نندب حظنا العاثر دون أن نستفيد مما منحنا الله تعالى من نعم العقل والصحة والثروات. كونوا دعاة للنـاس بغير ألسنتكم، هذه طريقة أهل البيت عليهم السلام في تعاملهم مع الناس، فهم دعاة للمثل والسيرة الحسنة والمواقف النبيلة والأخلاق الكريمة والأفعال الجميلة، وهم بذلك أضحوا وبكل جدارة قدوة لمن اقتدى، وأسوة لمن تأسّى، وإذا ما أردنا الفلاح والصلاح ما علينا إلا أن نسير على نهجهم في التكافل والتراحم والتوادد ونبذ كل ما يعكر صفو الحياة الهانئة الرغيدة. ليس هناك عاقلٌ لا يريد السعادة الاجتماعية والحياة الدنيوية المستقرّة إلى جانب الرغبة في العاقبة الحميدة سواء في البرزخ أو القيامة، وعليه فإنّ سلوك هذا الطريق يضمن الاطمئنان القلبي والاستقرار الاجتماعي، وهما الضالتان التي فقدهما معظم أهل الدنيا بابتعادهم عن نهج السماء. حري بنا أن نتأسى بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله في مكارم الأخلاق، حيث إنّ أمر المعاد والمعاش لا ينتظم، ولا يتهنأ طالبه إلا بالخُلق الكريم، ومحطة الصوم في شهر الرحمة والرضوان والحج في ذي الحجة هي خير محطة في صقل النفوس وتهذيبها بما فيه الخير والصلاح، فلا تتوهم أن العمل الصالح الكثير ينفع من دون تهذيب الخلق وتقويمه، بل إن الخلق السيئ يُفسد العمل الصالح ويجعله قاعا صفصفا كما يفسد الخلّ العسل، فأي نفع فيما عاقبته الفساد؟! وفي المقابل ترى الخير كله فيما إذا ما اقترن العلم بالعمل كما هو واضح من القصة التالية:كان احمد بن محمد بن أبي نصر البيزنطي عالماً كبيراً من علماء عصره، وكان يداخله شك في إمامة الرضا (عليه السلام) ولكنه اعتقد بها أخيرا بعد أن جرت بينه وبين الإمام (عليه السلام) مكاتبات ومناقشات وأسئلة وأجوبة.وذات يوم قال للإمام (عليه السلام) : يا ابن رسول الله اشتهي أن تدعوني إلى دارك في وقت تعلم انه لا مفسدة لنا في الدخول عليكم فيه من الأعداء، لأستفيد منك وانهل من علمك ، فأرسل له الإمام (عليه السلام) مطيته ذات يوم ، وكان الوقت أول الليل ودعاه إلى بيته.ركب البيزنطي المطية واتجه إلى بيت الإمام (عليه السلام) ، وجلس معه هناك إلى أن مضى شطر من الليل طويل كان البيزنطي خلاله يعرض على الإمام مشاكله ويطرح عليه أسئلته والإمام (عليه السلام) يحلّها ويجيب عليها ، فلما حلّ وقت النوم قال الإمام (عليه السلام) لغلامه : هات الثياب التي أنا فيها لينام فيها البيزنطي.فرح البيزنطي كثيراً وتمنى له أن له أجنحة يحملنه إلى الجو فلم يعد جلده يسعه ولا رجلاه يحملانه لشدة ما هو فيه من فرح ، فقال في نفسه : هل هناك من هو أسعد مني أنا الذي بعث الإمام بمطيته إلي وجلس معي تلك الجلسة وهاهو يأمر لي بثياب نومه.كان الإمام (عليه السلام) قد لاحظ سيماء الغرور والانتشاء بادية على البيزنطي، وكان قد اتكأ على يديه يريد النهوض، إلا انه جلس ثانية وقطع سلسلة أفكار البيزنطي بقوله :يا احمد لا تفخر على أصحابك بذلك فان صعصعة بن صوحان مرض فعاده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ووضع يده على جبهته وجعل يلاطفه فلما أراد النهوض قال : يا صعصعة لا تفخر على إخوانك بما فعلت لك فاني إنما فعلت ما فعلت لتكليف يجب عليّ.بعد أن أجابته على مسائله العلمية أردف ذلك بسجاياه العملية التي تدل على تواضعه وحسن أخلاقه وحب الخدمة التي هي معجونة في ذواتهم عليهم السلام، وذلك ليس ترفا في حياته وإنما فعل ما فعل امتثالا لأمر الله تعالى وطاعة لما أمرهم من سجايا الأخلاق الفاضلة وما نهاهم عن موبقات الدنيا الفانية. المهم في شريعة الإسلام تطبيق ذلك النهج النير في السلوك الاجتماعي الذي يحل مشاكل الناس - وهي كثيرة وخصوصا في وقتنا الحاضر - وينظم علاقاتهم مع بعضهم في أرقى صور وأبهى قوانين قلما تجد لها نظيرا بين القوانين الوضعية، وإلا ما فائدة المجلدات الضخمة في التفسير والأخلاق والسلوك وغيرها من العلوم وهي مركونة في المكتبات أو محفوظة في صدور بعض العلماء دون أن نقطف ثمارها على أرض الواقع ودون أن نعيش نتائجها ودون أن نستظل بظلها لنكون بمنأى عن فتن الزمان وتكالب المتربصين وإرهاصات الجهال وأباطيل المندسين وهي ما نراها جلية في دهاليز حياتنا اليومية، ما يلح على المصلحين ضرورة تضاعف الجهود في المصالحة بين العلم والعمل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2011-10-19
تدريس مفاهيم الامام علي عليه السلام في المدارس
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك