عبد الكاظم محمود
لايختلف اثنان في العراق على إن ثمة فساداً أداريا ومالياً ينخر في جسد المؤسسات الحكومية ،ومن لم ير من العراقيين بعينيه ذلك الفساد فقد وضعته وسائل الأعلام والتقريرات الدولية والمحلية في صورة وحجم ذلك الفساد بالكامل .ومن الصعوبة بمكان هنا أن نقول ماوصل العراق منمعدلات وأرقام مهولة بفعل الراهن ، أنما من الضروري إرجاع هذه الظاهرة الى سياقاتها التاريخية وربطها بالأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم العراق . ومن هذه الزاوية يأتي الجواب من أهل الاختصاص بأن الفساد الإداري والمالي متجذر في البنية المجتمعية منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة ،وقد بلغت معدلات الفساد أوجها في ظل النظام البعثي الذي حكم العراق منذ ستينيات القرن الماضي وصعوداً الى لحظة ال سقوط عام 2003، نتيجة لجملة من الممارسات الخاطئة والقاتلة التي اقترفها تلك النظام يقف في مقدمتها القبضة الحديدية التي كان النظام يمسك بها جميع مفاصل الدولة فلم تقتصر السيطرة فقط على الاقتصاد على يد الدولة أنما تحول الاقتصاد العراقي الى لعبة بيد صدام وعائلته والحاشية ومن تابع بإصرار على إشاعة الفوضى .ولعل أشهر واكبر قضية فساد في الزمن الصدامي كانت قضية النفط مقابل الغذاء في منتصف التسعينات مع الأمم المتحدة والتي تورطت بها دول وشخصيات سياسية كبيره كل ذلك الفساد المتعفن والمتراكم القي بظلاله على العراق بعد التاسع من نيسان عام 2003 ،وورث عراق الديمقراطية تركة ثقيلة تنوء بحملها دول متعددة .وكان على العراق الجديد الغض ان يواجه هذا الغول الذي ادخره صدام لمثل هذه الأيام . لكن السؤال الأبرز هل بسقوط صدام انقطع نزيف الجرح أم انه ظل نازفاً ويأتي الجواب فظاً غليظاً..كلا وتعددت التفسيرات والجرح نازف .فالبعض يرى إن الذين أسهموا ببناء صرح الفساد أيام صدام هم أنفسهم اليوم منتشرون في دوائر الدولة ويمارسون ذات الفساد سواء ذلك كان بقصد المنفعة الذاتية أم بقصد تشويه التجربة الديمقراطية برمتها وتأليب الرأي العام المحلي والدولي ضد النظام الجديد .أما البعض الأخر فقد عزا ارتفاع بورصة الفساد الى نشوء طبقة سياسية واجتماعية جديدة زادت الطين بلة ،وعقدت المشهد أكثر وبين تلك الذئاب المسعورة التي شاخت وبين مجموعة الذئاب الفتيه ،نتأرجح المواقف الحكومية لمعالجة الفساد بين الإجراءات الشحيحة تارة والعجز النصفي تارة أخرى ،فلم تبرح الحكومة تبشر منذ سنوات بأن هذا العام او العام القادم هو عام القضاء على الفساد المالي . لكن وكما يقول العرب (مواعيد عرقوب ) فلاهي طورت أجراءتها للحد من الفساد من جهة ولا قدمت للمحاكم العراقية رؤوسا كادت تتفجر من شدة تعاطي الرشا من جهة أخرى .أما المواطن العراقي المغضوب علية في النظامين الدكتاتوري والديمقراطي فقد مل الوعود وسئم من لعبة جر الحيل فلم يعد يحتمل هذا التأخير وبين قوة الفساد والمفسدين وبين قلة حيلة الحكومة ووعودها تبقى عيون المواطن العراقي تترقب اللحظة الحلم التي يندحر فيها إرهاب الفساد...
https://telegram.me/buratha