المقالات

الدرس الأصعب في الديمقراطية /

829 18:41:00 2011-10-19

حافظ آل بشارة

يمر العراق بتجربة سياسية حافلة بالدروس والعبر ، انه الفشل الضروري الذي يتبين فيه الخيط الابيض من الخيط الاسود ، قبل التغيير كان المطلب الشعبي الوحيد هو النجاة من القمع ، والقبول بأسوأ الحلول ، مثلا القبول باحتلال اجنبي رحيم ، القبول بدكتاتور حنون ، دكتاتور عادل ، بأي نوع من انواع الديمقراطية المتاحة ، ولكن بعد التغيير عرف الناس ان الديمقراطية مثل الطبخة الخاصة بشعب دون غيره ، لا يمكن للهندي ان يطبخ بامية عراقية بنجاح كامل ، الديمقراطية فيها تفاصيل لا يعرف معناها الا وطن المنشأ ، استهلكت فرنسا وبريطانيا اجيالا من المفكرين والساسة وقادة العسكر لينتجوا أحدث نسخة من الديمقراطية ، فبلورت نموذجها الاجتماعي والاقتصادي والعقيدي والتنموي ، كان العراقيون يتصورون انهم مجرد حشد بشري يخرج من خيمة الاستبداد ليدخل الى خيمة الديمقراطية وسط الهلاهل . لكن مصائب ما بعد التغيير جعلتهم يتسائلون : اين الخلل في الشعب ام في الديمقراطية ام في الساسة ؟ وبدأت الاجوبة تأتي . الديمقراطية اداة تنتج نموذجا للحكم يحدده نوع الفوز الانتخابي ، هناك كتلة تحقق فوزا كاسحا فيمكنها تشكيل حكومة اغلبية سياسية ، وهناك مجموعة كتل متقاربة في الاصوات تضطر الى تشكيل حكومة ائتلافية ، بالمقارنة بين النوعين يتضح ان حكومة الاغلبية السياسية هي الافضل ، ومن حسناتها انها دستورية وشرعية متجانسة في عقيدتها السياسية متشابهة في رؤيتها التنموية متماثلة في برنامجها موحدة الهم موحدة الجهد متضامنة متكاتفة متعاونة لان فشل الجزء فيها يعني فشل الكل ، أما الحكومة الائتلافية فقد يحل فيها التنوع بدل التجانس ، وتعدد الرؤى بدل توحيدها ، فيجب ان تسعى الى تحقيق التكامل والتعاون والتفاهم أولا وتجنب التنافس ، فيؤدي ذلك الى تأخير مسار الحياة السياسية فتكون الادارة الأئتلافية اكثر بطئا وتعقيدا وبيروقراطية . أما في العراق فقد وقع الخيار الأسوأ ، وهو اختراع شكل ثالث جديد من الحكومات لاهي حكومة اغلبية ولا هي حكومة ائتلافية بل حكومة مشاركة وطنية ، انه نموذج ديمقراطي خاص مبني على الاعتقاد الخاطئ بأن الحكومة مكسب وتشريف وليس واجبا وتكليفا ، اراد العراقيون نموذجا يتخلص من مساوئ الحكومة الائتلافية فوقعوا في الاسوأ ، بدل التكامل بين القوى حل التنافس ، وبدل التعاون العداء ، وبدلا من ان يسعى كل طرف الى تقوية الاطراف الاخرى بدأ يسعى لاضعافها ، كل كتلة تسعى الى اثبات فشل شركائها ، وبدل الثقة المتبادلة تنمو المخاوف المتبادلة ، وبدل تقاسم الادوار يجري احتكار الادوار ، وبدل توحيد الصف مقابل الاجنبي يجري تمزيق الصف بمساعدة الاجنبي ، فرق شاسع بين حكومة المشاركة التشريفية وحكومة الواجب الائتلافية ، مقابل حكومة الاغلبية التي اصبحت حلما ، وهذا هو الدرس المهم الذي حفظه العراقيون من تجربتهم الحالية . في الانتخابات المقبلة سيفر الناس من حكومة المشاركة فرارهم من الطاعون ان كانوا مؤمنين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك