عبدالكريم ابراهيم
كانت جدتي رحمها الله تهددني دائما بـ( الطنطل ) و ( السعلوة ) ، عندما اقدم على مغامرة جنونية ،اكسر فيها بعض اثاث البيت ،وان هذين المخلوقين سيخطفاني عند الليل . لذا احاول ان ابكر في النوم واغطي رأسي بـ(اللحاف) خوفا وفزعا من القادم المجهول. ذات مرة سألتها عن ماهية ( الطنطل ) و( السعلوة ) فقالت رحمها الله: بانهما مخلوقان عجيبان ، لهما القدرة على تقمص صور الاخرين والتنكر في ازياء عديدة ، وايضا يمتازان ان لهما انيابا طويلة مع شعر كثيف يغطي معظم اجزاء الجسم . هذان المخلوقان دائما ما يتخذان من الشطوط والاماكن الخالية ملاذا لهما في اصطياد فرائسهما . برغم هذه القناعة التي كانت الراسخة لدى الكثير من اهلنا الاقدمين ، فان العلم المعاصر الذي وصل الى مجاهيل الفضاء لم يكشف حتى الآن حقيقة ( الطنطل ) و ( السعلوة) ويرجح اغلب العلماء ان يكونا من نسج خيال البشر الواسع ، ولكن اقول بكل صراحة ان العلم الحديث هذه المرة أخطأ في هذا التصور ،لان الكثير من المصادر المتواترة من مدينة ميسان تؤكد ظهور حيوان مخيف يرتكب اعمالا اجرامية من خطف وبقر للبطون الناس واكل لاعضاء الجسم ، يشابه الى حد بعيد ( السعلوة ). ربما يكون من احفادها الذي استطاع مقاومة التغييرات المناخية والسكانية ،ولم ينقرض كزميله الديناصور .حتى هذه اللحظة برّئت ساحة صديقنا ( الطنطل ) لانه حسب حكايات اجدادنا عن هذا المخلوق الاسطوري لم يركب يوما جرما معروفا ، بل على العكس كان من النوع الطريف ويحب النكات وعمل المقالب ،واحيانا تأخذه الغيرة فيتطوع الى تقدم المساعدة للآخرين من دون مقابل . بل ان بعض اجدادنا ادعى صداقته وتسخيره في انجاز بعض الاعمال الثقيلة والشاقة التي لايقدر الانسان على انجازها . ربما تكون افعى (سيد دخيل ) تتربص بالآخرين بعد ان كانت الاهوار ملجأ لها ،ماحدا بها الى الانتقال الى سكن المدن بعدما اصابها الظمأ ، وهي تمارس هوايتها في لدغ الاهالي الذين يدوسون فقط على طرفها . اما صديقنا الاخير تمساح الديوانية، فهو من النوع المستورد الذي لم يألفه العراقيون من قبل ، ربما عرفوا ( الكوسج ) الذي يسبح في الانهر والاهوار ، اما ان تشاهد هذا الغريب المتسلل من وراء الحدود وهو يمارس هوايته في الاماكن الضحلة ،فهو امر يثير الفزع والذهول ولاسيما ان هذا الحيوان المفترس يملك فكين من القوة بحيث يوقعان باكبر ضحية وان كانت (جاموسة حجية نوعة ). يبدو ان صديقنا التمساح قد ملّ حياة الاسر ،وانتهز اقرب فرصة لحريته لاحت في الافق ، فانطلق يتبختر في مياه نهر الديوانية ،واحيانا يشعر بالضجر فيتمدد على الشاطئ تحت اشعة الشمس العراقية . قد يكون هذا الحيوان الغريب احب حياته الجديدة التي تحتاج فقط الى شفافية في التعامل ومعرفة لائحة حقوق الحيوان . بعد موجة الظهور الحيواني القديمة - الجديدة هذه، قد نسمع بحيوان آخر اتخذ من احدى مدن العراق ملاذا له ، يمارس سطوته على اهلها بكل حرية من دون تدخل السلطات الحكومية ،برغم مناشدات الاهالي للتصدي لمثل هذه الحالات الغريبة التي قد يفسرها بعض اهل الخبرة والاختصاص: بان الظروف المناخية هي التي جعلت تلك الحيوانات المفترسة تخرج من اماكنها، وهم بهذا التفسير ينفندون هذه التهمة عن ( السعلوة ) و (الطنطل ) اللذين يحملان الجنسية العراقية - اباً عن جد - وقبل تشريع قانون الجنسية المزدوجة الذي شمل فقط افعى (سيد دخيل ) وتمساح الديوانية .
https://telegram.me/buratha