احمد عبد الرحمن
في الغالب حينما يريد شخص ما ان يتحدث عن ثروات العراق وموارده وامكانياته فأنه يذكر النفط والمياه والزراعة والمعادن والسياحة، وقلما نجد من يتحدث عن القدرات والكفاءات والخبرات البشرية التي يمتلكها، ناهيك عن الاهتمام الجدي والحقيقي بها، أي استثمارها بما يساهم في تحقيق التقدم والتطور والازدهار في مختلف المجالات والجوانب.نعرف جميعا ان نظام المقبور صدام، عمل بكل ما اوتي من قدرة وامكانية على تهميش وتغييب وقتل الكفاءات التي تزخر بها البلاد، لاسيما الذين لم يكونوا على استعداد ليتحولوا الى ادوات طيعة وخانعة وخاضعة لنظامه يسيرها كيفما شاء.وهناك ارقام واحصائيات عن اسماء واعداد مهمة وكبيرة على الصعيدين النوعي والكمي لاستاذة وخبراء وعلماء في اختصاصات مختلفة فروا من البلاد، وهناك من القوا في غياهب السجون والمعتقلات، وهناك من علقوا على اعواد المشانق، وهناك من ابعدوا الى اماكن ووظائف ابعد ما تكون عن استحقاقاتهم وامكانياتهم وقدراتهم.يكفي دليلا على استهانة واستخفاف النظام المقبور بالعلم والعلماء والكفاءات والخبرات ان عين شخصا لايحمل شهادة جامعية اكاديمية اولية ولا علاقة له بالعم والثقافة والفكر وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، ليتسلط ويتحكم بعشرات الجامعات والكليات والمراكز البحثية والاكاديمية، ومئات الاساتذة والتدريسيين بشتى التخصصات وعشرات الالاف من الطلبة، ويكفي دليلا ان يتم تعيين شخص امي لايتعدى كونه جنديا عاديا مسؤولا عن مؤسسة مثل هيئة التصنيع العسكري التي ضمت-بصرف النظر عن اهداف تأسيسها-اعدادا كبيرة من القدرات والكفاءات العلمية الهندسية والفنية..وهلم جرا.وللاسف سقط النظام المقبور وانهار غير مأسوف عليه قبل حوالي تسعة اعوام، ولكن لم يعيد النظام الجديد في البلاد الاعتبار للكفاءات والخبرات العلمية في البلاد، ومازالت السياقات الروتينية والبيروقراطية تشكل عقبات ومعوقات امام الاستفادة منها وتوظيفها واستثمارها بالشكل الصحيح.لايمكن للبلد اليوم ان ينهض من كبوته-او كبواته-ويعالج مشاكله وازماته المختلفة ويتغلب عليها وهي كثيرة وكبيرة ومعقد وشائكة في مجالات الصناعة والزراعة والتربية والتعليم والصحة والاسكان والاعمار والتنمية من دون الاستفادة من الطاقات والخبرات العلمية والاكاديمية.صحيح ان البلد يحتاج الى وزراء ومسؤولين تنفيذيين كفوئين ونزيهين، وسياسيين فاعلين وموارد مالية وثروات طبيعية، لكن كل ذلك لن يكون كافيا بغياب العقول الفذة والمبدعة والقادرة على ان ترسم وتصيغ المسارات الصائبة والصحيحة للتقدم والتطور والازدهار.
https://telegram.me/buratha