صفات العترة الطاهرة (ع) (الصفة الرابعة)========================عزيزي القارئ اليك صفات العترة الطاهرة (ع) في حلقات من اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف من تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري واعداد الشيخ حيدر الربيعاي
صفة العدالة=============
* معنى العدل والعدالة وحقيقتهما:العدل لغة: هو التسوية بين الشيئين.واصطلاحاً: هو ان يُثيب على الحَسَنة الحَسِنه ويعاقب على السَيئة السِيئة، كما جاء في القرآن الكريم: (مَن جاءَ بالحَسَنة فَلهُ عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلايجزى إلا مثلها وهم لايظلمون) .والعدل خلاف الجور.العدل عند المتكلمين: هو العلوم المتعلقة بتنزيه ذات الباري تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب .* أما العدالة ـ فهي الملكة الراسخة بحسب الحقيقة .والعادل: هو الواضع كل شيء موضعه.وحقيقة ذو العدل ـ هو الذي لايميل به الهوى فيجوز في الحكم، ومنه ما ورد في الحديث الشريف:(من المنجيات كلمة العدل في الرضا والسخط) .* حقيقة العدل:بعد بيان ما تيسر لنا من خلال فهم بعض النصوص القرآنية المباركة والتي اُولت أو فسرت بحق أهل بيت العترة الطاهرة على لسانهم (صلوات الله عليهم أجمعين) لانه لولا ذلك الكشف في اظهار بعض حقائهم لما تمكّنا من ادراك ذلك اليسير.وبعد استعراض معنى العدل والعدالة بايجاز، نستطيع ان نقول لايمكن تطبيق هذه المعاني وبالاخص الاصطلاحية منها الا من خلال اهل بيت العصمة (عليهم السلام)، لانهم المصداق الناطق للقرآن الكريم، وان ما تقدم في الاية المباركة، هو صورة من صور العدل الالهي.وبما ان اهل البيت (عليهم السلام) هم الصورة الخارجية والمظهر التطبيقي للقرآن الكريم المتجسد في الحقيقة الانسانية التي تلائم هداية البشرية وفطرتهم السليمة التي فطرهم الله تعالى عليها (فطرت الله التي فطرَ الناس عليها) .ولانهم عِدل القرآن الذي لاينفك عنه بنص حديث الثقلين: (أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً).اذا لايمكن ابراز حقيقة العدل الالهي وبيانها الا من خلالهم (عليهم السلام)، وعلى هذا نحتاج الى بيان حقيقة العدل عند اهل البيت.فما هي تلك الحقيقة؟العدل، وعدالة اهل البيت(عليهم السلام): بما ان العدل من اسمائه تعالى وهو مصدر أقيم مقام الاسم، وان الله تبارك وتعالى أمرنا به، وعلمنا بما فوقه وهو التفضل، وامره سبحانه وتعالى تجسد لنا في كتابه العزيز وتعليمه بما فوقه عن طريق نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)والمعلم الاول لتعاليم الله تعالى وبيان احكامه ومن بعده الائمة الاطهار (عليهم السلام)، قال تعالى: (شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط) اي انه تعالى حكم بالعدل في خلقه اذ دبَّرَ امر العالم بخلق الاسباب والمسببات والقاء الروابط بينهما وجعل الكل راجعاً اليه بالسير والتكامل.لذا كان اهل البيت (عليهم السلام)، عدل كتاب الله عزوجل في ارض الله تعالى وهم حجته في اقامة ما فيه على العالمين، فهم الذين وضعوا كل شيء مواضعه بين الناس، لانهم كانوا يرون اقامة عدله تعالى كذلك كما روي عن امير المؤمنين ذلك حيث قال: (العدل يضع الامور مواضعها) وهذا المعنى يستكشف في موارد كثيرة من القرآن الكريم، كما أشير لبعض منها عند ذكر معاني العدل، مضافاً الى الروايات الواردة عنهم، والعقل يحكم بذلك ايضاً، كما أن العلماء في هذا المجال اجمعوا عليه.ومن هنا نعرف ان لكل شيء واضعاً خاصاً يقتضيه، والعدل هو رعاية ذلك الوضع مع عدم الانحراف الى جانب الافراط أو التفريط، بمعنى ان كل شيء بحسبه، واهل البيت (عليهم السلام) هم الواضع الحقيقي لهذا المقتضي ـ العدل ـ بل هم عين المقتضي، لانهم كانوا المصداق الحقيقي الحي والسلوك الناطق لذلك لانهم وضعوا الامور مواضعها من دون اي افراط أو تفريط، فاعطوا كل امر ما يستحقه طاعة لله تبارك وتعالى وامتداداً لعدله، لمعرفتهم الحقيقية بالحق جلا وعلا وبما يرضيه حقاً، كما جاء في الحديث النبوي الشريف:(يا علي ما عرف الله الا أنا وأنت...) .لانهم جسدوا القرآن الكريم بما فيه ـ ظاهراً وباطناً ـ في المجتمع الاسلامي، وهذا هو معنى العدل التكويني.وبهذا يثبت ان عدلهم تكويني لاتشريعي، بمعنى التزامهم بالشريعة المقدسة فحسب وانما اشتملت عدالتهم على جميع مراتب العدل، لانهم كانوا يرون ان السموات والارض انما قامت بالعدل، كما روي عن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): (ان بالعدل قامت السموات والارض) .وبوجود العدل النوراني مولانا الحجة المنتظر ثبتت السموات والارض (لولا الحجة لساخت الارض باهلها) .وقد ورد ايضاً في الحديث القدسي: (ما خلقت سماء مبنية ولا ارضاً مطويةً الا لأجل هؤلاء..) .اصحاب الكساء، فهم علة الوجود ـ وجود الكون والمخلوقات ـ .اذا هم حقيقة العدل الالهي وبهم قامت السموات والارض، بل ما وجَدَتا الا لاجلهم فهم علة ايجاد السموات والارض حدوثاً وبقاءاً.
اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
https://telegram.me/buratha