احمد عبد الرحمن
لم يختلف المشهد الذي انتهى به الديكتاتور الليبي معمر القذافي عن المشهد الذي انتهى به الديكتاتور المقبور صدام من حيث الجوهر والمضمون، ربما كان مشهد نهاية صدام قد استغرق وقتا اطول من مشهد نهاية القذافي، حينما نعتبر ان محطته الاولى هي الاعتقال ومحطته الاخيرة هي القتل.
ل ملايين العراقيين الذين تابعوا صباح يوم امس اولى جلسات محاكمة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وعدد اخر من عناصر نظامه، استحضروا وقائع جلسات محاكمة الطاغية المقبور وكبار ازلام نظامه البائد قبل ستة اعوام، والتي انتهت به هو واخرين الى حبل المشنقة.استحضار محاكة صدام واعوانه وقبلها استحضار طريقة اعتقاله ومرافقها من ملابسات، في الوقت الذي يشاهد العالم طاغية اخر يقف خلف القضبان خائفا قلقا فزعا يترقب مصيره الدنيوي الاسود، الى جانب مصيره الاخروي المحتوم، يعني بوضوح ان هناك اوجه تشابه كبيرة وكثيرة بين الطغاة في مختلف محطات حياتهم الخاصة والعامة، وفي نهاياتهم، وصدام لم يكن اول طاغية في التأريخ الحديث والمعاصر ينتهي بتلك النهاية المذلة والمهينة والمخزية، ولن يكون حسني مبارك بأعوام الاثنين والثمانين اخر طاغية يؤتى به الى المحكمة وهو مسجى على سرير طبي، ولايجد من ينادمه ويخفف عنه سوى نجليه اللذين لم-ولن يكن-حالهما بأفضل من حاله.ان المسيرة الطويلة للبشرية والحافلة بالكثير من الماسي والويلات والظلم والحيف والطغيان والاستبداد شهدت عشرات-ان لم يكن مئات او الاف-الطغاة، الذين عاثوا في الارض فسادا، وقدروا- وهذا يفهم من خلال ممارساتهم وسلوكياتهم الاجرامية المنحرفة-انهم خالدون ولن يطرق الموت ابوابهم، وانهم لن يلاقوا الذين خلقهم ومكنهم. ولم يتعض اللاحقون من تجارب السابقة ومصائرهم ليتجنبوا اخطائهم وانحرافاتهم، بل راحوا يكررونها بالكامل ان لم يكن بدرجة افضع واشنع.لو كان هؤلاء الطغاة قد قرأوا التأريخ وتمعنوا في احداثه ووقائعه لتوقفوا وراجعوا انفسهم، ولما انتهوا الى ما انتهوا اليه من عار وخزي واذلال في الدنيا قبل الاخرة.صدام لم يتعظ مما فعله الحجاج ويزيد وقبلهم وبعدهم الكثيرون، ومبارك لم يتعظ مما فعله فرعون وقارون وقبلهم وبعدهم الكثيرون.لم يتأمل هؤلاء في سنن التأريخ وقوانين الكون والحياة التي وضعها الخالق العظيم ويمكن ان نجد مصاديقها ودلائلها في كل زمان ومكان، ولدى كل الشعوب والامم والاديان.ما واجهه صدام وما يواجهه الان مبارك، وما واجهه ويواجهه امثالهم هو عبارة عن حصاد لما بذروه وزرعوه. ومن يزرع شوكا من غير الممكن ان يجني قمحا.
https://telegram.me/buratha