احمد عبد الرحمن
حينما كتب الدستور وتم التصويت عليه عبر استفتاء شعبي عام قبل اكثر من ستة اعوام، رأى الكثيرون من النخب السياسية والفكرية والثقافية، وشرائح وفئات اجتماعية من ابناء الشعب العراقي ان الاساس والمرتكز الذي وضع لبناء الدولة العراقية الديمقراطية المعاصرة هو اساس ومرتكز صحيح، وان ما سوف يبنى ويشيد عليه في مراحل لاحقة لابد ان يكون قويا ورصينا ومتماسكا، بحيث تكون له القدرة على الصمود بوجه التحديات والمخاطر التي يوجهها، وهي بلا شك كثيرة وكبيرة.لكن في ذات الوقت كان هناك اجماع او شبه اجماع على ان الحاجة الى المراجعة واعادة النظر والتعديل تبقى قائمة وضرورية انطلاقا من حقيقتين، الاولى هي ان الدستور لم يكن خاليا من نقاط الضعف والهفوات والثغرات التي تستلزم المعالجة والتلافي عبر سياقات ومسارات مثبتة في الدستور ذاته، والحقيقة الثانية هي ان المتغيرات في الاوضاع والظروف العامة تستدعي المراجعة واعادة النظر والتعديل وفق الظرورات والمقتضيات والحاجات التي تفرضها نفسها على الواقع.من هنا تشكلت لجنة انبثقت من مجلس النواب في دورته الاولى كانت مهمتها دراسة المواد الدستورية التي تحتاج الى تعديل او حتى تغيير، وبالفعل فأن اللجنة عملت طيلة سنين وتوصلت الى نتائج ورؤى وتصورات واقعية، ولكن لم يصار الى تفعيلها لاسباب ترتبط بطبيعة الواقع السياسي العراقي الذي يكتنفه الكثير من التعقيد.الى جانب ذلك فأن هناك اكثر من خمسين مادة دستورية اشير الى انها يجب ان تنظم بقانون، وتلك المواد الدستورية من الاهمية بمكان بحيث يتطلب ذلك الاسراع بسن القانون التي تفضي الى تفعيلها وكسر حالة الجمود فيها، اذا ان تركها بلا تفعيل يعني ان جزءا كبيرا ومهما ومحوريا من الدستور هو بحكم المجمد، وهذا يمثل اشكالية كبيرة وخطيرة، لان ذلك يفتح الباب واسعا لاستغلال السلطة واساءة استخدامها، والاستخفاف بالدستور والتجاوز علية، ويترك فراغات في جسد البناء المؤسساتي للدولة.واقرب مثال على ذلك عدم تشكيل مجلس الاتحاد الذي نص عليه الدستور، بأعتباره يمثل المفصل المكمل للسلطة التشريعية الى جانب مجلس النواب.وحينما اقر المشرع هذا المجلس فأنه انطلق من قراءات موضوعية ودقيقة لما يتطلب الواقع السياسي في العراق، واليوم تبدو الحاجة ملحة للاسراع بتشكيل هذا المجلس، والخطوة الاولى بهذا الشأن هو سن القانون الذي على ضوئه يتم تشكيله، الى جانب سن القوانين الاخرى التي ربما لاتقل اهمية عن قانون المجلس الاتحادي.
https://telegram.me/buratha