الكاتب :عمار احمد
تعتبر العشائر في العراق واحدة من الركائز الاساسية في البناء الاجتماعي وفي المختلف مراحل العمل والنشاط السياسي. والى الان ورغم الكثير من التحولات والمتغيرات العالمية على صعيد العلم والتكنولوجيات والاتجاه نحو المدنية والتحضر.اكثر من 60 بالمائة من ابناء الشعب العراقي مازالوا يلتزمون بالتقاليد والاعراف والعادات العشائرية واكثر من هذه النسبة مازالوا يحملون مع اسمائهم الالقاب العشائرية ويعتزون بها.ومراجعة سريعة لابرز المراحل والمحطات السياسية منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 وحتى هذا الوقت، يتضح لنا ان العشائر كانت حاضرة في مواجهة التحديات الخارجية بدءا من الاستعمار البريطاني للعراق، ولعبت دورا مشرفا في ثورة العشرين وفي حركات وانتفاضات جماهيرية اخرى، وكان للعشائر ايضا دورا فاعلا ومهما في دعم واسناد المواقف الوطنية للمرجعيات الدينية والدفاع عنها.ولادراك بعض الانظمة والحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد خلال الثمانين عاما الماضية لاهمية وتأثير العشائر راحت تحاول تطويعها واخضاعها وجعلها ورقة سياسية تتحكم وتلعب بها كيفما تشاء ومتى ما تشاء، مستخدمة وسائل الترغيب مرة والترهيب اخرى، ومحاولة شراء الذمم واستغلال اصحاب النفوس الضعيفة والمريضة التي يمكن تطويعها بالامتيازات والمغريات المادية.ولايجد المراقب والمتابع السياسي صعوبة في تشخيص ان مرحلة نظام الحكم الصدامي البائد كانت من اكثر المراحل سوءا بالنسبة للعشائر، فذلك النظام وضمن سياساته التفريقية والعدائية عمد الى زرعالفتنة والفرقة بين ابناء العشائر من خلال اساليب ووسائل مختلفة تميزت بالكثير من الدناءة والوصولية، فقد وضع جدران عازلة بين العشائر ذات الانتماء السني والعشائر ذات الانتماء الشيعي، واتجه الى اضعاف وتهميش ومحاصرة شيوخ ووجهاء العشائر الذين لم يكونوا على استعداد للخضوع له والتحول الى ابواق تروج له ولنظامه الدموي الاستبدادي، وبالتالي العمل على تجريدهم من مواقع الزعامة العشائرية ودفع اشخاص ضعفاء انتهازديين مصلحيين الى مواقع الزعامة، حتى يكونوا طوع امره ورهن ارادته، وفي اعوام التسعينات ظهر مصطلح جديد في الشارع العراقي هو (شيوخ التسعينات) في اشارة الى الاشخاص الذين جعلهم نظام صدام شيوخا على عشائرهم وراح يغدق عليهم الاموال والامتيازات ليكونوا ادوات قمعية في يده.وهذا الاسلوب اوجد مشاكل اجتماعية خطيرة، وكان له تبعات واثار سيئة جدا، حيث ادى الى تفكك وتشرذم جزء من الكيان الاجتماعي في العراق. مازال المجتمع العراقي يعاني من بعضها.ولان الكثير من الرواسب الثقافية من حقبة النظام البائد بقيت عالقة فأنه من السهل ان نجد اليوم جهات سياسية تعمل جاهدة على اللعب على الورقة العشائرية واستغلال الثقل العشائري في المجتمع العراقي استغلالا سياسيا، وخصوصا في اوقات وظروف معينة مثل الحملات الانتخابية. والاتجاه الى تشكيل مجالس عشائرية من اجل احتوائها والاستفادة منها سياسيا عبر تقديم الهدايا والامتيازات وشتى المغريات.ومن دون ادنى شك فأن مثل هذا المنهج يعود بالخطر على العملية السياسية وعلى تماسك الكيان الاجتماعي عموما والكيان العشائري على وجه الخصوص.
https://telegram.me/buratha