المقالات

صفات العترة الطاهرة (ع) (الصفة السادسة)

1626 08:35:00 2011-10-26

صفات العترة الطاهرة (ع) (الصفة السادسة)الشيخ حيدر الربيعاويمن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف

صفة الكرم=============

الكرم لغةً: هو البذل والعطاء.وكل نفيس جليل يوصف بالكرم ايضاً قال تعالى: (انه لقرآن كريم) .اصطلاحاً: هو بذل المال أو الطعام أو أي نفع مشروع عن طيب نفس، ابتغاء لمرضاة الباري عزوجل، كما جاء في القرآن الكريم: (انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاءاً ولا شكوراً) .وقد اجمع المؤالف والمخالف على انها نزلت في علي واهل بيته الطاهرين (عليهم السلام).لانهم اتخذوا مثلهم الاعلى، النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قدوةً حقة واسوة حسنة في كرمه لانه كان المثل الاعلى في عظمة الكرم، ولذلك خصه القرآن الكريم بوصفه بالكرم بقوله تعالى: (وجاءهم رسول كريم) .وإن لم يكن لدينا دليل على عظمة كرم النبي الاعظم وأهل بيته (عليهم السلام)، لكان هذا اكبر دليل واوضح مصداق لعلو مقامهم وعظمة كرمهم، لان الرسول الامين تحلى بذلك وقد اتخذوه الائمة الاطهار (عليهم السلام) قدوة لهم في ذلك، بل في كل شيء.الكريم: اسم من اسمائه تبارك وتعالى، وصفة من صفاته الثبوتية الفعلية، وقد اشتق منها صفة الكرم لاهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام)، بوصفه تعالى للنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تقدم بقوله تعالى: (رسول كريم) وهذا يعني ان الحق تبارك وتعالى اشتق هذه الصفة من صفاته واطلقها على نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).وبهذا يكون الكرم من اشرف السجايا وارفع الصفات، لذلك اشاد اهل البيت (عليهم السلام)بالكرم والكرماء ونوهوا عنهما بابلغ تنويه.فقد روي عن ابي عبدالله الصادق (عليه السلام) انه قال:(اتى رجل النبي فقال: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضلهم ايماناً.فقال: أبسطهم كفاً) .فقرن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعلى مراتب الايمان وافضليتهُ بعمق مدى الكرم واعلى درجاته، وهو قوله: (أبسطهم كفاً) اي اكثرهم عطاءاً واكراماً، بمعنى نجدة المستضعفين والمحرومين واعانتهم بما يملك ولايفرط في اكثر من ذلك، بحيث يعطى حسب الحاجة، بل بمقدارها، فلايسرف ولايقتر ويكون متوازناً في عطائه وهو قوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) .* مقياس الكرم: للكرم مراتب متفاوتة من حيث الفضيلة، فأسمى فضائله وأعلى مراتبه، هو ما كان طاعةً لامر الله سبحانه وتنفيذ لشرائعه المقدسة كالجهاد في سبيل الله، وذلك ببذل الغالي والنفيس بل بذل النفس لاجل نصرة دين الحق واداء الفرائض كالخمس والزكاة واعانة الفقراء والمحتاجين، لذلك أكدت الشريعة على البذل والعطاء والعطف على المحرومين كما قال النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (من ادى ما افترض الله عليه، فهو من اسخى الناس) .واستنكرت على المجتمع الاسلامي عدم مؤازرة وتعاطف الميسورين على المعوزين بما يخفّف لوعة الحرمان، لان أغفال هذا الجانب يسبب شقاء المجتمع، بل انعدام المباديء الانسانية في صفوفه، وبالتالي يؤدي ذلك الى تمزقه وانحطاطه والخروج عن كونه مجتمعاً اسلامياً.فعن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: (من اصبح لايهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) .انما حرص الاسلام على خصلة الكرم، واعتبرها من مبادئه الاساسية، لاجل ان تتجلى مظاهر الكرم واللطف الالهي، حتى تنعم البشرية بحياة كريمة ولكي يتذوقوا حلاوة الطمأنينة في ظل تعاليم الدين الاسلامي القيم.* مصاديق الكرم: تتفاوت مصاديق الكرم بتفاوت بواعثه ومجالاته، وهي كثيرة ولكننا في هذا البحث نختصر على اهمها والتي تعد من اسمى فضائل الكرم واشرف مراتبه والتي حث عليها القرآن الكريم في مواضع كثيرة وتجسدت في كلمات اهل البيت (عليهم السلام)، بل في تعاملهم مع شيعتهم خاصة والناس بشكل عام نذكر بعضاً منها اجمالاً.الاول: الكرم في طاعة الله تعالى: وهو الكرم في اداء الفرائض المتمثلة بالحقوق الشرعية، كما قال النبي: (من ادى ما افترض الله عليه، فهو من اسخى الناس).وذلك من خلال تطبيق ما شرّعه الله تعالى وجاء به رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبلغه اهل بيته (عليهم السلام)، فيكون اتباعهم بهذا المعنى نوعاً من الكرم، وهذا النوع من الواجبات الدينية.الثاني: اكرام الوالدين: وذلك يتحقق بالبر والاحسان اليهم امتثالاً لامره تبارك وتعالى والذي اكدت عليه الشريعة الاسلامية، واوصانا به الخالق جل وعلا حيث قال:(ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير) .فقرن سبحانه وتعالى شكره بشكر الوالدين بعد أن اوصى بهما، وذلك عن طريق البر بهم والاحسان اليهم بمجازاتهم بما يستحقونه من حسن الوفاء وسموا الرعاية والاجلال والتكريم لهم فعلا، واما قولاً (وقل لهما قولاً كريماً) .لما لهما من المقام الرفيع، بحيث اوجب الله تعالى الاحسان اليهم والذي اقترن فيه برهما بعبادته تعالى، قال تعالى: (وقضى ربك الا تعبدوا الا أياه وبالوالدين احساناً) .وقد جعل ترك هذا الامر من الكبائر التي تكون سبباً في سوء عاقبة الانسان والعياذ بالله.فعن ابي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: (قال رسول الله: كن باراً، واقتصر على الجنة، وإن كنت عاقاً فاقتصر على النار) .وذكر القرآن الكريم حدود بر الوالدين وطاعتهما بقوله تعالى:(وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى...) .ويظهر من هذه الاية ان طاعتهما ليست مطلقة وانما لها حد ومحدوديتها هي عدم الشرك بالله عزّوجلّ.الثالث: اكرام العيال: وهو ايضاً من صاديق البر وأجدرها، فانهم فضلاً عن وجوب الانفاق عليهم الذي نصت عليه الشريعة المقدسة وأقره العقل والعرف، اولى بالاكرام وأحق بالرعاية والتفضل من قبل وليهم الذي تجب عليه نفقتهم، واستحب له اكرامهم بما يزيد على النفقة ويمكن له، وقد اكد عليه ائمة اهل البيت (عليهم السلام).فعن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) انه قال:(إن عيال الرجال أسراؤه، فمن انعم الله عليه نعمةً فليوسع على أسرائه، فان لم يفعل أو شك ان تزول تلك النعمة) .الرابع: اكرام الارحام: وهو أن يصل المرء أرحامه بالاكرام ومساندتهم عند الحاجة بالمتيسر لديه، فضلا عن وجوب صلة الرحم التي يعد قطعها من الكبائر وحث القرآن الكريم على هذا الاكرام بقوله تعالى: (وأولوا الارحام بعضهم اولى ببعض) .كما انه أكد على صلة الرحم واشاد باصحاب هذا الامر (الذين يَصِلُونَ ما امر الله به ان يوصل) .كما ان اهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام) وصوا بذلك كثيراً، قال ابو عبدالله الصادق (عليه السلام):(صل رحمك ولو بشربة ماء... الحديث) وذلك حتى تتأتى صلة الرحم عن طريق ذلك، وبالتالي تتقوى الاواصر الرحمية ويكون تماسكهم في الشدائد والازمات اكثر تسانداً وأقوى أرتباطاً.الخامس: اكرام مستحقي الصلة: وهذا النوع اعم من ان يكون مادياً، لان معرفة المقام واداء الحقوق المعنوية، كمعرفة النبي الاكرم والائمة الاطهار صلوات الله عليهم أجمعين، واداء حقوقهم، ومعرفة ذوي الفضل والاصلاح من خدمة الشريعة وهم العلماء واداء حقوقهم باجلالهم بعد اهل البيت وتكريمهم بالاستماع اليهم والاخذ بما يقولونه، بل بما يأمرون به وتطبيقه عملياً في المجتمع لانه كما ورد في الحديث:(النظر لوجه العالم عبادة) لانهم أُمناء الرسل على حد تعبير اهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام) بان (الفقهاء امناء الرسل).ومن ثم اكرام الجيران والاصدقاء وابناء السبيل الذي انقطع بهم السفر.السادس: اكرام المؤلفة قلوبهم: وهذا النوع من الاكرام، من موارد صرف الزكاة ـ كما ذكره فقهاؤنا الاعلام ـ ويتحقق باعطاء الزكاة للكفار الذين اذا اعطوا يميلون الى دين الاسلام والمذهب الحق أو يساعدون المسلمين في التغلب على العدو اثناء الحرب، وكذلك اكرام المسلمون ضعاف الايمان، الذي يؤدي الى تقوية ايمانهم.وقد يختلف الاكرام باختلاف الكرماء انفسهم، فأسمى المراتب غايةً، واحمدها عاقبة ـ كما تقدم ـ هو ما كان في سبيل الله وطاعة له وقصد مرضاته عزوجل.والاكرام لايكون اكراماً الا اذا تنزه عن المن والاذى وصفى من الشوائب والاغراض المادية والدنيوية من قبيل الرغبة في المدح والثناء أو طلب نفع أو ما شابه ذلك، فان مثل هذا لايعد اكراماً حقيقياً.حقيقة كرم اهل البيت (عليهم السلام):لاشك ولاشبهة، أن اهل بيت العترة الطاهرة (عليهم السلام)قد اجتمعت فيهم كل مصاديق الكرم، لانهم تأسوا في ذلك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الذي كان اجود الناس واكرمهم، وقد وصفهم جميعاً القرآن الكريم بانهم في اعلى مراتب الكرم التي لايمكن للانسان ان يتصف بها بعدهم.كما لاشك ان امير المؤمنين (عليه السلام) كان المصداق الحقيقي الذي تجلّى فيه الكرم الالهي حتى انه آثر بقوته وقوت عياله، فانزل الله تعالى فيه وفي زوجته وابنيه صلوات الله عليهم سورة تتلى الى يوم القيامة ـ كما سيأتي بيانه انشاء الله تعالى، في بحث الايثار.وبهذا بلغ مرتبة لايمكن للانسان ادراك حقيقها، فضلاً عن الاتصاف بها بحيث اعترف بها المخالف لولايته، واليك ما روى عن المخالفين من الشواهد.روى مخالفاً ان علياً كان يحارب رجلاً من المشركين.فقال المشرك: يا ابن ابي طالب، هبني سيفك، فرماه اليه.فقال المشرك: عجباً يابن ابي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إليَّ سيفك.فقال: يا هذا، انك مددت إليَّ يد المسألة، وليس من الكرم ان يُرد السائل.فرمى الكافر بنفسه الى الارض وأسلم، وقال: هذه شيمة اهل الدين، وقبل قدم امير المومنين .وهذا الموقف العجيب يدل على اجتماع الكرم والشهامة والشجاعة في ساحة الحرب عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، والا كيف يمكن لشخص ان يعطي الةُ حربه في مثل هذه الساعات الحرجة لولا شجاعته وثقته العالية بالله جل وعلا. لذلك قال جبرائيل في حقه: (لاسيف الا ذو الفقار، ولافتى الا علي) .* كرم امير المؤمنين (عليه السلام) في القرآن الكريم:تتمةً للبحثِ في حقيقةِ كرم أهل البيت (عليهم السلام)، يجدر بنا افراد بحثاً موجزاً عن صوره من صور الكرم التي اشاد بها القرآن الكريم وهي قضية تصدق امير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه الشريف اثناء ركوعه حتى انزل الله تعالى فيه (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ، وقد اجمع المؤالف والمخالف على انها نزلت في علي (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه في ركوعه، ورواه الرازي في احكام القرآن على ما حكاه المغربي عنه والطبري والرماني، وهو قول مجاهد والسدّي، واما علماء اهل البيت فلايختلفون في ذلك كأبي جعفر الباقر وابنه أبي عبدالله (عليه السلام): بل مروي عن جميع اهل البيت (عليهم السلام) ذلك ـ كما يعبر الشيخ الطبرسي في تفسيره.واليك ما ذكره شيخنا الطبرسي في تفسير هذه الاية المباركة رواه باسناد متصل.قال: بينا ابن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله إذ أقبل رجل معتم ـ يعني متعمم ـ بعمامة، فجعل ابن عباس لايقول قال رسول الله إلا قال الرجل: قال رسول الله.فقال ابن عباس: سألتك بالله ـ يا ايها الرجل ـ من أنت؟فكشف العمامة عن وجهه وقال ايها الناس: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اعرفه بنفسي، أنا جندب بن جنادة البدري ابو ذر الغفاري سمعت رسول الله بهاتين والا فصمتا ورأيته بهاتين والا فعميتا، يقول:علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما أني صلّيت العصر مع ر سول الله، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه احد شيئاً، وكان عليّ راكعاً فأوما بخنصره وذلك بعين رسول الله، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صلاته رفع رأسه الى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى سألك قال: (ربِّ اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفهقوا قولي واجعل لي وزيراً من اهلي هارون أخي اشدد به ازري وأشركه في أمري) فانزلت عليه قرآناً ناطقاً: (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلايصلون إليكما) .اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك فاشرح لي صدري، ويسر لي امري واجعل لي وزيراً من اهلي علياً اشدد به أزري.قال ابو ذر: فوالله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامه حتى نزل عليه جبرائيل من عند الله فقال:يا محمد أقرأ.قال: وما أقرأ.قال أقرأ: (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) .وقد وردت عدة اشكالات على هذه الاية.

* دفع بعض الاشكالات الواردة على آية التصدق بالخاتم:أُشكلَ على هذه الآية المباركة بعدة إشكالات وأُجيب عليها بأجابات متعددة لكنها تتفق في مؤداها الى الغرض والنتيجة، وحاصل الجميع، بل أهمه هو:الاول: ان الاية وردت بصيغة الجمع الذي يفيد العموم (... الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة..) وهذا معناه انها تدل على الجماعة من المؤمنين، والعموم لايفيد التخصيص بأمير المؤمنين، ثم ان اللغة لاتساعد على ذلك، فكيف يصح ان يكون المراد علياً؟!الجواب: هذا الاشكال مرفوع، بوجود فرق حقيقي بين اطلاق الجمع وإرادة المفرد واستعماله فيه وبين اعطاء ضابط للحكم الكلي أو الاخبار بمعرف جمعي بلفظ الجمع لينطبق على مصداقه الواحد المفرد واللغة تأبى قبول الاول دون الثاني، ثم اذا سلمنا ان لفظه (المؤمنين) لاتختص بامير المؤمنين فاي مؤمن غيره ادى الزكاة اثناء الصلاة على طول التأريخ ـ من آدم وليومنا هذا ـ وهل هناك احد تصدق بالخاتم حال ركوعه في المسجد غير ابي الحسن (عليه السلام)؟وبالاجابة على هذين السؤالين يتضح بيان الفرق ـ الذي ابانه جل وعلا في الاية ـ بين الامام علي وبين غيره من المؤمنين، لان جملة (يؤتون الزكاة وهم راكعون). حالية، أي حال كونهم راكعين.مضافاً الى انه تعالى ذكر لفظ الجمع بايات عديدة وأريد منها المفرد منها ما اختص بأهل البيت (عليهم السلام) في آية المباهلة، قال تعالى: (فمن حاجكَ فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) .والشاهد هنا: لفظه (أنفسنا) جاءت بلفظ الجمع والمراد بها نفس النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)وكذلك (نساءنا) والمراد بها الزهراء (سلام الله عليها).بعد هذا قد يقول قائل: إذن لماذا هذا الجمع وما فائدة الاتيان به؟أقول: هناك عدة موارد في اللغة العربية يأتى بها بلفظ الجمع ومصداقها واحد وهو مفرد، ولكن يطلق عليها ذلك من باب التفخيم والتعظيم، واهل البيت مع ما يمتلكون من المقام الرفيع والمنزلة السامية عند الله تبارك وتعالى، كانوا اهلاً لذلك بين الناس.وبهذا يثبت أن صيغة الجمع اطلقت على أمير المؤمنين (عليه السلام) في القرآن لعظمة مقامه السامي وعلو منزلته وقربه من الله تبارك وتعالى.الثاني: ان التصدق بالخاتم لايعد من الزكاة، لانه صدقه وهي مستحبة بدليل (آتوا الزكاة) الدالة على الوجوب لانها صيغة أمر، وهو يدل على ان كل زكاة واجبة، وهذا يلزم منه تأخير الواجب عن زمان وجوبه والحمل على المستحب خلاف الاصل، ثم ان نفس دفع الخاتم اثناء الصلاة مخلاً بها ومن شروطها الحفاظ على صورتها، وهذا لايليق بالامام.الجواب: للزكاة معنيين:1ـ اللغوي: هي الطهارة والبركة والمدح ، كما جاء في لسان العرب لابن منظور.2ـ الاصطلاحي: زكاة المال وتطهيره، وذكر ايضاً، ان الزكاة صفوة الشيء.والاشكال وارد على المفهوم الاصطلاحي، اما لغة فلاتعنى بالزكاة التي اقرها الشارع المقدس بهذه الصفات.وقد جاءت كلمة الزكاة في آيات اخرى، ولاتعني الزكاة في الشريعة، بل يقصد منها التصدق (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً) . اي الزكاة المستحبة وهي التصدق، لانه لايمكن الالتزام بالزكاة الشرعية الى الابد من دون اكتمال شروطها الشرعية، اولاً، وثانياً اذا قلنا به فهو تكليف بغير المقدور وهو محال على الباري عزوجل كما جاء في القرآن الكريم (ان الله لايكلف نفساً الا وسعها).ثم ان الاية لم ترد بصيغة الامر، وانما حالية كما تقدم (... ويؤتون الزكاة وهم راكعون).اما الاخلال بصورة الصلاتة، فلامورد له، لان نفس العمل لايستغرق وقتاً حتى يخل بصورة الصلاة، ولايعد عرفاً من منافيات الصلاة.الثالث: ذكر في الروايات ان أمير المؤمنين ما مضمونه انه تنزع منه السهام اثناء الصلاة، وهذا يعني عمق ارتباطه بالله تعالى وانه مستغرق القلب بذكره تعالى حال الصلاة ومن كان كذلك كيف يستمع لكلام الغير وينشغل به اثناء صلاته؟الجواب: ان بعض الروايات يفهم منها ان الامام عندما تصدق بالخاتم كان في صلاة مستحبة لاواجبة. ويؤيده. ان رواية التصدق المتقدمة ذكرت انه:(اقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي بقرينة، وذلك بعين رسول الله).وهذا يعني ان النبي غير مشغول بالصلاة الواجبة بعد. وكانت صلاة الامام آنذاك فرادى لاجماعة.وروي أيضاً أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يصلي نافلة الظهر ، ولعل الاستجابة لحاجة السائل اشد مصلحة من الصلاة المستحبة.ثم لو سلمنا ان الصلاة كانت واجبة، والاشتغال بها والتوجه العبادي أمر لاشك فيه، وخاصه عند أمير المؤمنين (عليه السلام).يمكن ان نقول: أن الامام في حال صلاته يحصل عنده ارتباط مطلق بالله تعالى، وعندما سأل السائل تعلقت حاجته في المحضر الالهي المقدس، فأجاب أمير المؤمنين (عليه السلام)السائل من ذلك العالم. ولاتنافي حينئذ باعتباره اشتغل بطاعة أخرى.أقول: فمن أول هذه الاية المباركة بغير ذلك ـ أي أنها ليست بحق الامام علي (عليه السلام) ـ فقد عدل عن الحق وسلك طريق الضلال، واعمى العناد والخلاف قلبه فحاله حال من ليس له قوة ولا ناصر في المحشر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك