الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
قرأت لافتة في ساحة الطيران ببغداد كتب عليها "نطالب بإطلاق كافة المعتقلين السياسيين الأبرياء" وذيلت بتوقيع الحزي الشيوعي العراقي..هنا أسأل سؤالا واحدا ثم أعرج الى حديث قصير عن عقل اليسار السياسي في العراق، سؤالي هو هل حقا في العراق سجناء سياسيين؟ وأذا كانت الإجابة بنعم فكم شيوعيا بينهم؟ وإذا لم نحصل على أجابة صادقة فالجواب هنا: بعكس ما ضخته ماكنة تظليله الديماغوجي أنه يتوفر على مستوى وعي متقدم، فإن العقل الحزبي اليساري في العراق حول الأيدولوجية الى صنم يُعبد، فكانت النتيجة منظومة سياسية فاقدة لديناميكية الوعي السياسي، ومع أن متبنياته سقطت بيد أهلها في أوربا الشرقية والأتحاد السوفيتي السابق، إلا أن كل مجد هذا العقل يتجلى في تبنيها المطلق..هذا في مستوى الماضي، وفي مستوى الحاظر ما زال هذا العقل يؤمن بالشعاراتية التي لا تتفهم من حاجات المجتمع إلا بأن "المعارضة من أجل المعارضة" ستوصله إلى المدينة الفاضلة، يفعل ذلك دون أن يحدد ما هو البديل، بل أن تطبيقات اليسار العراقي تداخلت مع تطبيقات الليبرالية فتماهتا مع بعض، مع أن أدبياتهما تعج بالمتناقضات التصادمية، ومع كل هذا التماهي وغياب الحدود الأيدولوجية فإن حالة من غياب التجانس والاتّفاق الأدنى على شروط اللعبة السياسية تسود الأصطفاف الليبرالي اليساري، فالعقل الليبرالي مهمته الأساسية أن يتحصّل على النتائج قبل توفير المقدمات، فيما العقل اليساري يدعي أنه يعمل على توفير المقدمات للحصول على النتائج..العقل السياسي الليبرالي تمارس أحزابه انتهازية نيابية يُباع فيها المقعد النيابي بالمال وليس بالأعمال، والعقل اليساري"مفلس" فاقد للظرف التاريخي، باحثا بلا رصيد عن فرصته محاولا أن يبني قوته الأجتماعية..ولنا أن نتساءل: ماذا أنتجت الحركة اليسارية في العراق وقد بات عمرها قرابة قرن كامل؟.. ألم يخرج اليسار العراقي من اللعبة السياسية نتيجة تبنيه مواقف قيمية تناقض قيمنا؟...ولعل الجهد الذي لا بد أن يبذل في شأن التعرف على محددات العقل اليساري العراقي، هو أن يتم أولاً التعرف على البنى المنطقية التي ينطلق منها، ثم يعيد بناء المعرفة السياسية ليخرج بإجابة مقنعة عن لماذا ظل العقل السياسي اليساري عقل حاجة وليس عقل تدبر واختيار؟..إن الأجسام السياسية اليسارية وصلت إلى نقطة الفراغ وعدم القدرة على الابتكار، والسبب يعود إلى تسلط فرسان بعينهم وجلوسهم في قمة الهرم المقلوب، فكيف يعقل أن يظل العقل الحزبي رهين فكر ظل ولأكثر من 100عام يمارس التعسف الفكري والإرهاب المفاهيمي، وأن يخرج علينا كل يوم بل وعند كل محنة بتركيبة جديدة في فن المناورة السياسية وكأن العمل الحزبي هدف لذاته؟!...كلام قبل السلام: نقطة انطلاق مخطوءة هي الخطوة الأولى إلى الضياع!سلام.....
https://telegram.me/buratha