المقالات

النوم في المربع الاول /

571 10:16:00 2011-10-26

حافظ آل بشارة

يفتخر العراق بأنه الدولة الأولى التي جرى فيها التغيير السياسي في المنطقة العربية ، ومنه تهب رياح التغيير لتقتلع عروش الطغاة ، من باب الاستحياء نتجاهل احيانا ان ثورتنا المظفرة جرت بغزو واحتلال امريكي ورعاية اممية خاصة ، وهو ما لم يجر في البلدان الاخرى ، فقد جرى التغيير في تونس ومصر بجهد ودماء الشعب وبلا تدخل اجنبي ، وفي ليبيا كان التدخل الأجنبي من الجو فقط ولم يكن غزوا ولا احتلالا ، وفي اليمن وسورية والبحرين مازال الشعب يقاتل بدون معين لينتصر بدمه على سلاح الحاكمين ، العراق اسبقهم تغييرا ، لكنه اكثرهم تدخلا اجنبيا ورعاية دولية ، وأقلهم تطورا في تمشية البديل السياسي واستعادة الاستقرار . في تونس هناك انتخابات جيدة منتظمة وهادئة وخالية من النزاعات والاتهامات ، وفي مصر هناك محاكمة لرئيس النظام السابق واركانه تجري بهدوء ونضج في التعامل مع الملف ، والموالون لمبارك لا يفجرون بلدهم ولا يقتلون مواطنيهم انتقاما ، وفي ليبيا قاتل الثوار ببسالة وقدموا التضحيات الكبيرة ليتوجوا انتصاراتهم بقتل القذافي في الميدان ، لم تحدث في الدول الثلاث اية حواسم فالمواطن عندهم يخجل ان يكون سارقا لبلده ، ولم يحدث اي تدمير متعمد للمتلكات العامة ، ولم يحدث اي تدخل اقليمي تكفيري او طائفي في شؤون تلك البلدان التي جرى فيها التغيير ، ولم تتخذها العصابات الارهابية الدولية ساحة لجرائمها ، ولم تقسم تلك البلدان جغرافيا على المكونات المذهبية والعرقية ، ولم يحدث فيها خلاف على علم البلاد ونقوشه والوانه ، ولا توجد فيها اقاليم تهدد بالانفصال ويتوسل بها الجميع ويقبلون رجليها لكي لا تنفصل ! ومن المتوقع ان تجري انتخابات هادئة في تلك البلدان ويبدأ النظام الديمقراطي بلا تشكيك ولا معارك داخلية ، مضى على التغيير في العراق اكثر من 8 سنوات ولكن الوضع السياسي فيه مازال يراوح في المربع الأول ، تبدو الأطراف المقتسمة للسلطة وكانها ميتة ، واصبح مفهوما ان الانتخابات المتكررة في العراق وتدوين الدستور كلها جرت تحت التهديد الأمريكي ، ولولا ذلك التهديد لما انجزوا اي شيء ، ومع ذلك جاءت نتائج الانتخابات حافلة بالتزوير على نطاق واسع ، كان الناس يرفضون النظام السابق ويحترمون ويؤيدون معارضيه ، ولكن بعد ان اصبح المعارضون حكاما اصيب مؤيدوهم بالاحباط عندما اتضح ان اغلبهم كان يعارض النظام تنافسا على السلطة وليس بسبب تناقض قيمي سياسي او اخلاقي بين الطرفين ، وبدل ان يعالج النظام الجديد مرض الفساد أخذ يرعاه ويحميه ويعمق آثاره في الدولة والمجتمع ، ساستنا لا يعترفون بالفشل بل يتمسكون بلغة التبرير ويقولون : ان العراق هو الوحيد بين الدول الذي حدث فيه تغيير ، وليحدث التغيير في دولة أخرى وانظروا الى الكوارث والفوضى التي ستجري ، الآن يمكن مقارنة العراق بغيره من العرب خاصة عندما تنطلق الدول الأخرى التي حصل فيها تغيير باتجاه البناء السياسي والتنموي ونحن باقون في المربع الأول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك