علي حميد الطائي
حينما ينتمي شعب من الناس لوطن واحد، بما يعنيه الوطن من حدود جغرافية ،وكيان سياسي ،ونظام دولة قائم على مؤسسات مختلفة ،فأن هذا الانتماء يخلق بينهم عيشاً مشتركاً ،ومصلحة متداخلة مما يوجب وجود صيغة عادلة للتعايش والتعاون تتحقق بها المشاركة في المنافع والمكاسب ،والوحدة أمام الأخطار والتحديات .وقد تختلف الانتماءات الدينية والعرقية والسياسية للمواطنين، لكن الوطن يجب أن يبقى إطاراً جامعاً لكل أبنائه بمختلف انتماءاتهم وذلك يستدعي منهم الاعتراف المتبادل بين الجميع بالشراكة والتساوي في حقوق المواطنة وواجباتها ،أما أذا أختلت هذه الشراكة وحدث شئ من الاستئثار بالسلطة أو بالثروات أو التمييز بين أبناء الوطن الواحد، يسبب تنوع التوجهات ،واختلاف وجهات النظر أو تقاطع البرامج فإن ذلك يهدد وحدة الوطن ،وأمن المجتمع واستقراره كما تدل على ذلك أحداث التاريخ وتجاربه في الماضي والحاضر أن اخطر شيء على وحدة الأوطان ومصالحها هو ان تتضخم الانتماءات على حساب الانتماء للوطن فتنظر كل جهة للجهات الأخرى عبر دائرة انتمائها الخاص وهنا تضيع المصلحة العامة وتضعف وحدة الوطن !ولمواجهة هذا الخطر لابد من وجود وعي وطني ، ومساواة حقيقية بين جميع المواطنين ،وتلك لاتتم ألا بوجود ا لدستور الذي يقر في لوائحه صيغة التعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، فإذا ماوجدت تلك اللوائح والقوانين فيجب على الجميع العمل بها كقناعات راسخة في نفوس أبناء المجتمع، وان تكون منهجاً في تفكيرهم ،وسلوكاً في حياتهم اليومية ولايمكن أن تتحقق تلك القوانين عبر طرحها كعنوان وشعار، ولا بالحديث عنها في قاعات المؤتمرات والندوات واللقاءات وإنما تتحقق بالسلوك العملي والفعلي على ارض الواقع !فيجب أن ننفض عن نفوسنا وعقولنا غبار ثقافة اليأس والاتكالية ،وذلك يبعث ثقافة وحدوية /تنطلق من محورية حقوق الإنسان ،وتركز على حرمته وكرامته وتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات حيث ينظر بالنتيجة كل مواطن الى أخوانه المواطنين بمختلف انتماءاتهم من منظار الإنسانية ،فيحترم حقوقهم كبشر ، ويراعي جميع مباد الوطنية وضمان إطارها العام ،وحتى يعترف كل واحد منا بأخيه ويتعاون معه كشريك مساو له في الحقوق والواجبات ...
https://telegram.me/buratha