حافظ آل بشارة
هناك أخبار حول خطة الحكومة بعد انسحاب الجيش الامريكي نهاية السنة ، الخطة تتحدث عن بناء القوات المسلحة بطريقة متوازنة دستوريا ، ومنع المليشيات ومكافحة الارهاب . هذه امور لا يختلف اثنان على اهميتها ولكن مطلوب ايضا ان تكون لدى الحكومة واطرافها رؤية في كيفية حسم ملفات أخرى أكثر خطورة ، من ناحية تشكيل القوات المسلحة اتبعت الحكومة اسس دستورية وتوازنات معقدة ولم تظهر قوات مسلحة وطنية بالمستوى المطلوب لحد الآن ، وما زال الارهاب قادرا على الضرب في الزمان والمكان المختارين بلا عوائق ، ومهما كثر المدح للقوات المسلحة فان الاختبار الحقيقي هو في قدرتها على كشف الجريمة ومنعها واحلال الامن الحقيقي وهذا غير متحقق الا بقدر ضئيل ، لا يوجد نقص في التوازن والتوافق في تشكيل القوات الحالية ولكن هذه النتيجة كما يراها الجميع ، لماذا لا تبحث الحكومة عن قواعد جديدة لبناء الجيش وتترك نغمة التوازن والتوافق التي لم تثمر شيئا ؟ ولكن يبدو ان الملف الأخطر الذي لا يذكره أحد هو انعدام التكامل بين الأمن والقضاء في البلد ، فلم تنفذ احكام المحكومين الكبار والصغار والاسباب مجهولة ، بل هناك هروب متكرر لمحكومين ، وهناك اطراف مشاركة في الحكومة لا تحترم الدولة ولا القضاء ولا القوات المسلحة فتطالب باطلاق جميع السجناء دون قيد او شرط وهذا مطلب مضحك مبك ، هذه القضية كيف تعالج ؟ ثم ظهرت في العراق تسمية المناطق المتنازع عليها كيف تكون هكذا والبلد بلد واحد كما يقال ؟ هل الخلاف بين حدود المحافظات في بلد واحد يتحول الى معضلة بهذا المستوى ؟ ثم العراق هو البلد الوحيد الذي يعلن أحد ساسته الرسميين تشجيعه لأقليم ما بأن ينفصل عن البلد ويؤسس دولة مستقلة قبل فوات الأوان ! القضية تمثل تحديا لصدقية الوحدة الجغرافية والسياسية للعراق ، الذين يتكلمون بهذه اللغة كيف سيشتركون في برنامج اعادة بناء المنظومة الامنية ؟ وهناك من لا يعترف بالدستور وهو مشترك في الحكومة فلا يمكن اذن اتخاذ الدستور مرجعية لحل الاختلاف ، ومع ان الحكومة تتحدث بلغة التوازن والتوافق ما زالت هناك احزاب تروج بأنها مظلومة وحصتها قليلة وتبدو غير متحمسة لأي برنامج اصلاحي تتولاه الحكومة ، طرف آخر يرى انه صاحب الحق التأريخي في سلطة العراق ولا يسمح لأحد ان يحتل مكانه وهو محتفظ بهذه القناعات قبل الاحتلال وبعده لا فرق ، طرف يريد الغاء المسائلة والعدالة بلا قيد او شرط وهو نفسه يرعى بشكل شبه علني عملية اعادة تنظيم حزب البعث المحظور دستوريا ، لذا تبدو العملية السياسية كلها بحاجة الى مخطط لقلب النموذج الحالي على البطانة ، واعادة النظر في جميع العناصر وليس فقط القوات المسلحة ولا يحتاج ذلك سوى اعادة تشكيل النوايا لتكون كلها خيرة وكلها لاجل مكسب جماعي يخص العراق وليس طرفا من الاطراف .
https://telegram.me/buratha