فلسفة وجود الامام المهدي (عج) ( االحلقة الثانية )
عزيزي القارئ اليك محاضرات فلسفة وجود الأمام المهدي المنتظر (عج) وتكون هذه المحاضرات في حلقات من تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري واعداد الشيخ حيدر الربيعاوي ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف سائلين المولى العلي القدير ان يتقبل منا ومنكم نعم المولى ونعم النصير .
تمهيدالأحداث المرتبطة بالغيبة في زمان الامامين العسكريين (عليهما السلام)قبل استعراض اهم الاحداث المرتبطة بغيبة سيدنا ومولانا وامام زماننا صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) منذ ولادته الميمونه (عليه السلام) وحتى غيبة الكبرى وما بعدها، لابد من عرض أهم الاحداث المرتبطه بغيبة الالهية (ارواحنا له الفداء) في أبيه وجده الامامين العسكريين ـ عليهما السلام ـ بشكل موجز، لبيان كيفية تمهيدهما(عليهم السلام) لغيبة مع جم الظروف السياسية الصعبه التي الجأت العسكريين الى نهج منهج التقيه والكتمان في ادارة شؤون الامه والتعامل مع الطغاه، فمن أهم الاحداث، والذي يظهر من التاريخ الاسلامي، هو انتقال العاصمة العباسيه من بغداد الى سامراء لتضخم أحداث الرفض ضد العباسيين في بغداد من جهه، واختلاف قاده الجيش مع السلطه من جهه اخرى... وهكذا اصبحت سامراء عاصمته جديدة للعباسيين حيث شيدة بأمر من المعتصم ونقل مركز الخلافه الجائرة لها، لتلافي الاحداث وامتصاص صدمات المجتمع الاسلامى وتصادم افراد الجيش فيما بينهم، ومن خلال الحمله العمرانيه ازدهرت مدينه سامراء بالبناء والعمران، وبقيت مركز للخلافه أكثر من نصف قرن، واخذت تتسع شيئاً تشيئاً، و تتطور في الجمال وزهرت بين البلدان، لكنها اصبحت خراباً بمجرد انتقال الخلافه عنها، وغار نبعها دفعه واحده، حتى لم يبق منها إلا موضع غيبة الامام المنتظر المهدي (عجل الله فرجه) ومحله اخرى بعيده عنها يقال لها: كرخ سامراء، وسائر ذلك خراب، يستوحش الناظر اليه، كما يذكر المؤرخون.وقد تعاقب على مدينه سامراء ثمانيه من خلفاء بني العباس منذ صيرورتها عاصمة للعباسين وحتى نهايه كونها عاصمة لهم، هذا ما يرتبط باحداث انتقال خلافه الطغاه من بغداد الى سامراء في العراق.اما ما يرتبط بائمه اهل البيت(عليهم السلام) من أحداث عدوانيه من قبل بني العباس فبعد أن استشهد الامام محمد الجواد(عليه السلام)، وتولى الامام علي بن محمد الهادي(عليه السلام)الامامه الحقه من بعده، حينذاك كان الامام الهادي(عليه السلام) في مدينة جده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المدينه المنوره في العربيه السعوديه ـ فالتف المجتمع الاسلامي حوله(عليه السلام)واظهروا له الولاء والمحبه، حيث كان امامنا الهادي(عليه السلام) ذا مكانه رفيعه في قلوب المؤمنين انذاك، ولم يكن ليفوت المتوكل ضرورة تطبيق نفس الاسلوب الذي سار عليه أخيه المأمون مع الامام الجواد(عليه السلام)في استقدامه من المدينه ووضعه تحت أعين الرقابه الشديده والضغوط الارهابيه، لفصله عن شيعته واتباعه ومحبيه...، وهكذا استقدم المتوكل الامام الهادي الى سامراء.فخرج الامام علي الهادي(عليه السلام) بصحبه عائلته وولده الحسن العسكريه(عليه السلام) مع يحيى بن هرشمه أحد صنائع المتوكل وواليه على المدينه حتى وصلوا الى سامراء، وبدأ المتوكل وأعوانه بافعاله الرذيله مع الامام(عليه السلام) مع محاولةً في عزله عن شيعته.ومن هنا، ونظراً لشدة الاوضاع السياسيه، نهج الامام الهادي(عليه السلام) منهج التقيه والتمهيد للغيبه الألهية لصاحب الامر(عليه السلام)، من خلال حجبه لابنه الحسن العسكري(عليه السلام)عن الناس، وعن طريق تعيين النواب عنه واتصاله بالشيعه عن طريقهم.فلم يكتفي امامنا الهادي(عليه السلام) بهذا المقدار من التمهيد لغيبه صاحب الامر(عليه السلام)، وإنما اتبع اسلوباً أخراً، وهو تأكيده(عليه السلام) على ذلك في كلمات النورانيه بين أصحابه... فمنها في كلام له في النص على امامة أبنه الامام العسكري(عليه السلام) وغيبه الخلف الصالح من بعده.«ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده».قال الراوي: فقلت: وكيف ذلك بامولاي.قال(عليه السلام): لأنه لايرى شخصه ولاكل ذكر اسمه حتى يخرج فيملأ الارض قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً.»( )أما الاحداث في عصر الامام العسكري(عليه السلام)، فلم تكن أقل خطراً، ولم يختلف تعامل السلطه معه عن تعاملها مع ابيه الامام الهادي(عليه السلام)، بل أصبحت أشد وأقسى ظروقاً، وما كان موقف الامام العسكري(عليه السلام) إلا كموقف الامام الهادي(عليه السلام) من حيث تعامله مع حكام الجور، وطريقة إتصاله بشيعته ومواليه،بل أخذ يحتجب عن الناس بنفسه، إلاّ عن خاصه أصحابه، وأوكل تبليغ الاحكام والرد على الاسئله ووصولها اليه الى اسلوب المكاتبات، وإدارة شؤونهم وحل مشكلاتهم بواسطة نوابه الذين اعتمدهم وفق نظام إتخاذ الوكلاء بغيبة ولده الامام الحجه(عليه السلام) وإنه الامام الذي سوف يغيب عن أنظار الناس، ويكون مذخوراً لنشر العدل في العالم وسوف يقيم دولة الحق في أَنحاء.هذه أهم الاحداث المرتبطه بالغيبه لصاحب الامر(عجل الله تعالى فرجه) في زمان الاماميين العسكريين(عليهما السلام)، أوردناها بشكل موجز لتكون تمهيداً واضحاً للدخول في البحث بشكل مفصل.
الباب الأول: حياة المهدي(عليه السلام) وإمامتهقال تعالى: «إنما أنت منذر ولكل قوم هاد»( )وعن أبي جعفر الامام الباقر(عليهما السلام) إنه قال: «المنذر رسول الله وعلي الهادي، وفي كل زمان امام منا يهديهم الى ما جاء به رسول الله»( )من أهم المعاجز والكرامات التي اختص بها الباري عزَّوجل أهل بيت الوحي والنبوة(صلوات الله عليهم) من عترة نبي الاسلام الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم)، هي مسألة إمامتهم(عليهم السلام)وخلافتهم لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم); حيث نص عليها الله سبحانه و تعالى فى كتابه العزيز وامر عزو جل رسوله الكريم بابلاغها لأمته، بل جعلها فرض على عباده في كل زمان، وانهم حجته على العالمين الى قيام يوم الدين، وهكذا تسلسلة الامامة من بعد الامام علي(عليه السلام) في صلب الامام الحسين بن علي(عليهما السلام)بالنص الى أن وصلت الى الامام المهدي(عليه السلام)، وهذا ما أخبر به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أكد(صلى الله عليه وآله وسلم) أن هذا الامر ـ الامامه ـ يملك زمامه من بعده إثنا عشر اماماً كلهم من ولد فاطمه(عليها السلام)، بل بشرَ(صلى الله عليه وآله وسلم) بظهور المهدي (عجل الله فرجه) منذ ذلك الحين.فلم يكن غريباً أن تكن الأخبار بولادة المهدي(عليه السلام) وظهوره في آخر الزمان، وقد تواترت الروايات والاخبار عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الأئمه المعصومين(عليهم السلام)بذلك، وإنه الامام الحجة في آخر الزمان الذي سيملأ الارض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، كما سيأتي تفصيله لاحقاً وفعلا تم هذا الامر بحكمه الهيه بالغه وقام بأعباء الامامه، وهو(عليه السلام)بن خمس سنوات.
https://telegram.me/buratha