علي حميد الطائي
كان جلوس الخليفة والسلطان أو الأمير أو أي حاكم للمظالم أي للنظر في شكاوى الناس وتظلمهم من ممارسات الولاة وأعوانهم أهم صفه مما يعده الناس في تلك العصور الغابرة من صفات عدل الحاكم أو الرئيس أو الملك .فالاهتمام بأمور الرعية والتخفيف من معاناتهم ورفع الظلم عنهم هو ابرز واجبات الحاكم والمهمة الأولى له لاتعد لها مهمة أخرى .وقد تطور ذلك في البلاد الغربية وأصبح الدخول على رئيس الجمهورية أو الوزير أيسر من أي مسالة أخرى فأمن الناس شرور المسوؤلين الآخرين وتجنب قد مايصدر عنهم من إجراءات غير قانونيه .غير أن الأنظمة الثورية عندنا أهملت ذلك وصارت مقابلة المسوؤل مهمة عسيرة أو ربما تحولت الى مكرمة لايحظى بها ألا من عمل عملاً صالحاً وكان من المقربين .وفي النظام السابق أصبحت مقابلة رئيس النظام تجارة رابحة فالمحيطون بالطاغية كانوا يبيعون الأذن بمقابلة صدام بمبلغ كبير جداً أما مقابلة الوزير والمسئولين الآخرين فهي لم تكن بأفضل حال ولاتحد ث أو تكون ألا من خلال الوساطة أو المبالغ المدفوعة سلفاً أيضا وقد سرى ذلك الحكم نفسه على مابعد سقوط النظام وأصبحت مواجهة الوزراء عندنا اشد صعوبة وصار مدراء المكاتب حجاباً حقيقيين لايسمحون بذلك لأحد لهم ألا كان في ذلك مايعود عليهم بالمنافع أو المكاسب العظيمة ولم يعد الوزير عندنا أو وكيله أو المدير العام يهتم بالجلوس الى الناس ليسمع إليهم ماينغص عليهم العيش ويجعل من حياتهم جحيماً لايطاق أما إذا حدث واستمع الى مظلمة فانه قد يأمر بحفظ الأوراق أو يهمل الموضوع ثم لايعود يفكر فيه بالمرة .فلأحد يفكر بهموم الناس ومتطلباتهم من شكاوى ومشاكل ومتاعب فما موجود هو انشغال تام بالمصالح الشخصية أما هموم الناس متاعبها أحزانها آلامها فهي بعيدة عن أنظار المسوؤلين وإذا ماحدث أن تم أو حصل شيء من هذا فهو لايحدث لوجه الله تعالى وانه لابد أن يكون من اجل غاية في نفس يعقوب ولا ندري ماذا يراد بالمصطلحات والتعابير التي بتنا نلهج بذكرها ليل نهار من غير من أن نجد من يحولها الى واقع فالنزاهة والشفافية والدستور والتعددية والحريات الشخصية وحقوق الإنسان والمساواة وغير ذلك من مصطلحات ومفردات جميلة ولكن لاأحد يهتم بها من المسوؤلين وإذا حدثت احدهم بها فان لم يشح بوجهه بعيداً عنك فانه لايستطيع أن يكتم ضيقه بك وبما أثقلت على مسامعه الكريمة من حديث لايعجبه أو يسره أن يسمعه فالحريات الشخصية موجودة في الدستور فقط ولكن ممارستها محذوره لان على الإنسان العراقي أن يكون دائماً كما يطلب منه ولا كما يريد هو عملاً .نعم لقد آن الأوان لان يسمع المسئولون صوت الألم صوت الحزن الذي يسكن القلوب الواهنة وان يفتحوا آذانهم ويبدون مايجب أن يبدوه من اهتمام جدي بهموم الناس قبل أن تقوم الساعة ويحدث الطوفان...
https://telegram.me/buratha